والصواب أنها كلها نوع واحد, وأن كل من حدث من بشار إلى الآن كلهم مولدون لا يستشهد بشعرهم إلا في المعاني خاصة دون الألفاظ, ولذلك اقتصرت على ما ذكرت أولًا في شرح نظم الفصيح وغيره من شروح الشواهد, وإن استوفيت هذه الأنواع كلها في شرح شواهد البيضاوي لاحتياج المقام لذلك, ولاختياره تبعًا للزمخشري الاستشهاد بهؤلاء اعتمادًا على عدم الفرق بين الرواية والقول, وأوضحت أن الحق ما عليه الجمهور, وأن الاعتماد على ما رووه دون ما رأوه كما مرت الإشارة إليه. والله أعلم.
[التنبيه الرابع]
العلوم التي تحتاج إلى استشهاد من علوم الأدب ثمانية: اللغة, والصرف, والنحو, والعروض, والقوافي, والمعاني, والبيان, والبديع, فأما العلوم الخمسة الأولى فلا يستشهد عليها إلا بالطبقات الثلاث الأولى, وبالقرآن, أو بالحديث كما حققناه, لأن المعتبر فيها ضبط الألفاظ, والجري على تلك القوانين, والثلاثة الأخيرة يجوز الاستشهاد بكلام البحتري وأبي تمام وأبي الطيب وأبي العلاء وهلم جرا, كما حققه الأندلسي في شرح بديعية رفيقه ابن جابر, وإن كان في كلامه قصور يعلم بالوقوف عليه كما نبهنا عليه في شرح نظم الفصيح, وحواشي عقود الجمان وغيرهما, والله أعلم.
ولشدة احتياج مبحث الشواهد إلى غريب هذه الفوائد جعلتها في لبتها