الواردة على لغة من اللغات الغير المشهورة فهو لا يضر, لأن القرآن العظيم وهو متواتر فيه آيات على خلاف الظاهر في الإعراب, احتاج هو في «بحره» و «نهره» إلى تأويلها وتخريجها على وجه صحيح, ولم يدع أنها ملحونة, وإن ورد في كلام عائشة - رضي الله عنها - وغيرها التعبير في حقها باللحن, فقد أجابوا عنه كما بسطه الجلال في الاتقان, ولم تخرج بسبب ذلك عن القرآن. وما رأيت أحدًا من الأشياخ المحققين إلا وهو يستدل بالأحاديث على القواعد النحوية والألفاظ اللغوية, ويستنبطون من الأحاديث النبوية الأحكام النحوية والصرفية واللغوية وغير ذلك من أنواع العلوم اللسانية, كما يستخرجون منها الأحكام الشرعية.
وقد طال ما اقترح على الجهابذة من الأصحاب والأساتذة أن أخص هذه المسألة بتصنيف مستقل, فما تسعف الأقدار بذلك لكثرة العوارض والقواطع, ولما أبديت هذا الكلام في هذا الشرح قنعوا به وارتضوا وأيدوه, وبعد الفراغ من هذا الكتاب بأزمان, هيأ الله سبحانه لي الأسباب وفتح لي الباب, فعنيت بشرح الاقتراح لأغراض بينتها في خطبة الشرح, وبذلت الجهد في تحقيق هذا البحث, ونقلت صدر كلامي الذي هنا فيه, ثم تتبعت كلام أبي حيان وابن الضائع الذي نقله الجلال هنالك, ونقضته لبنة لبنة بما لا غبار عليه في نحو كراسين منه, وأبديت هنالك من التحقيقات العجيبة ما لا يشك مطالعه أنه نفحة من النفحات النبوية, ومنحة من المنحات المصطفوية, ويعلم متقنه