للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

ففي هذه الأحاديث وغيرها تعظيم شأن الرؤيا الصالحة يراها المسلم أو ترى له وبيان أنها من المبشرات التي يبشر بها المؤمن، وأن النبوة ستذهب بموته صلى الله عليه وآله وسلم، لأنه خاتم النبيين بعده، وتبقى المبشرات التي هي الرؤيا الصالحة في هذه الأمة بعد انقطاع النبوة.

فقوله - صلى الله عليه وسلم - كما في حديث أبي هريرة رضي الله عنه: «لم يبق من النبوة إلا المبشرات» يعني أن الوحي منقطع بموته رضي الله عنه فلا يبقى بعده ما يعلم به ما سيكون إلا المبشرات، ثم فسرها بالرؤيا الصالحة.

قال ابن التين: "معنى الحديث أن الوحي ينقطع بموتي ولا يبقى ما يعلم منه ما سيكون إلا الرؤيا (١).

وقيل: هو على ظاهره، لأنه قال ذلك في زمانه، واللام في النبوة للعهد والمراد لنبوته، أي لم يبق بعد النبوة المختصة بي إلا المبشرات.

ويرد على ذلك بالأحاديث الأخرى الصريحة كقوله - صلى الله عليه وسلم -: «لا نبوة بعدي إلا المبشرات» وحديث ابن عباس أنه قال ذلك في مرض موته - صلى الله عليه وسلم - (٢).

وقوله صلى الله عليه وآله وسلم «إلا المبشرات» ثم فسرها بالرؤيا الصالحة.

ووصف الرؤيا الصالحة بأنها مبشرة إما على التغليب وإما على أصل اللغة (٣) فمن الرؤيا الصالحة ما تكون منذرة وهي صادقة يريها الله تعالى عبده المؤمن.


(١) فتح الباري (١٢/ ٣٧٦).
(٢) انظر: عون الباري (٦/ ٣٧٣).
(٣) قال في لسان العرب (٤/ ٦١) والبشارة المطلقة لا تكون إلا في الخير، وإنما تكون في الشر إذا كانت مقيدة، كقوله عز وجل: {فَبَشِّرْهُ بِعَذَابٍ أَلِيمٍ} [آل عمران: ٢١].

<<  <   >  >>