للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

يقول ابن المهلب (١) رحمه الله: التعبير بالمبشرات خرج مخرج الغالب، فإن الرؤيا ما تكون منذرة وهي صادقة يريها الله للمؤمن رفقًا به ليستعد لما يقع قبل وقوعه (٢).

ويقول أبو العباس القرطبي رحمه الله في كتابه "المفهم" البشرى من الله أي مبشرة بخير، ومحذرة عن شر فإن التحذير عن الشر خير فتضمنته البشرى، وإنما قلنا ذلك هنا, لأنه قد قال في حديث الترمذي المتقدم: «الرؤيا ثلاث، رؤيا من الله ...» مكان بشرى من الله، فأراد بذلك، والله أعلم، الرؤيا الصادقة المبشرة والمحذرة (٣).

ويقول أبو عبد الله القرطبي رحمه الله في تفسيره الجامع لأحكام القرآن" في حديث أبي هريرة رضي الله عنه: «لم يبق من النبوة إلا المبشرات» قال: "وهذا الحديث بظاهره يدل على أن الرؤيا بشرى على الإطلاق وليس كذلك، فإن الرؤيا الصادقة قد تكون منذرة من قبل الله تعالى لا تسر رائيها، وإنما يريها الله تعالى المؤمن رفقًا به ورحمة؛

ليستعد لنزول البلاء قبل وقوعه، فإن أدرك تأويلها بنفسه، وإلا سأل عنها من له أهلية ذلك، وقد رأى الشافعي رضي الله عنه وهو بمصر رؤيا لأحمد بن حنبل تدل على محنته فكتبت إليه بذلك؛ ليستعد لذلك (٤) وقد تقدم في "يونس" في تفسيره قوله تعالى: {لَهُمُ الْبُشْرَى فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَفِي


(١) هو أبو العباس بن أحمد بن أبي صفرة الأسدي الأندلسي، ت (٣٤٥ هـ) له شرح لصحيح البخاري انظر ترجمته في: سير أعلام النبلاء (٧/ ٥٧٩) والعبر (٢/ ٢٧٢).
(٢) فتح الباري (١٢/ ٣٧٥).
(٣) المفهم الجزء الرابع (ق٢٢٠أ) مخطوط في جامعة محمد بن سعود الإسلامية.
(٤) روى ذلك ابن الجوزي في مناقب الإمام أحمد (ص٦٠٩) بإسناده إلى الربيع بن سليمان.

<<  <   >  >>