للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

ويقول الشاطبي (١) رحمه الله في كتابه الاعتصام: (الرؤيا من غير الأنبياء لا يحكم بها شرعًا على حال، إلا أن تعرض على ما في أيدينا من الأحكام الشرعية، فإن سوغتها عمل بمقتضاها، وإلا وجب تركها والإعراض عنها، وإنما فائدتها البشارة أو النذارة خاصة، أما استفادة الأحكام فلا).

ويقول رحمه الله أيضًا: (نعم يأتي المرئى تأنيسًا وبشارة ونذارة خاصة، بحيث لا يقطعون بمقتضاها حكمًا، ولا يبنون عليها أصلاً، وهو الاعتدال في أخذها حسبما فهم من الشرع فيها والله أعلم (٢).

وما يحكى عن بعض العلماء من الخلاف في حجة رؤيا النبي صلى الله عليه وآله وسلم إنما ذلك فيما إذا وافقت حكمًا شرعيًا فالعبرة في هذه الحالة بالحكم الشرعي لا بها، ولهذا قال الشوكاني رحمه الله في رؤية النبي صلى الله عليه وآله وسلم: (وقيل إنه يعمل به ما لم يخالف شرعًا ثابتًا، ولا يخفاك أن الشرع الذي شرعه الله لنا على لسان نبينا - صلى الله عليه وسلم - قد كمله الله عز وجل وقال: {الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ} [المائدة: ٣]) (٣).


(١) هو أبو إسحاق، إبراهيم بن موسى بن محمد اللخمي الغرناطي، الشهير بالشاطبي، أصولي حافظ، من أهل غرناطة، من أئمة المالكية، توفي سنة (٧٩٠ هـ) من أشهر مؤلفاته: "الموافقات في أصول الشريعة" و"الاعتصام"
انظر: ترجمته في "شجرة النور الزكية" (ص٢٣١) و"الأعلام" للزركلي (١/ ٧٥) و"معجم المؤلفين" (١/ ١١٨).
(٢) الاعتصام (١/ ٣٥٧).
(٣) إرشاد الفحول (ص٢٤٩).

<<  <   >  >>