للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وقال ابن التين رحمه الله: معنى الحديث أن الوحي ينقطع بموتي، ولا يبقى ما يعلم منه ما سيكون إلا الرؤيا (١).

وقال الباجي رحمه الله: وصفها بأنها جزء من النبوة لما كان فيها من الإنباء بما سيكون في المستقبل على وجه يصح، ويكون من عند الله عز وجل.

وقال أبو زرعة العراقي رحمه الله: لا يتخيل من هذا الحديث أن رؤيا الصالح جزء من أجزاء النبوة، فإن الرؤيا إنما هي من أجزاء النبوة في حق الأنبياء عليهم السلام، وليست في حق غيرهم من أجزاء النبوة، ولا يمكن أن يحصل لغير الأنبياء جزء من النبوة، وإنما المعنى أن الرؤيا الواقعة للصالح تشبه الرؤيا الواقعة للأنبياء، والتي هي في حقهم جزء من أجزاء النبوة، فأطلق أنها من أجزاء النبوة على طريق التشبيه (٢).

فحاصل أقوال العلماء أن معنى قوله - صلى الله عليه وسلم -: «الرؤيا الصالحة جزء من


(١) المرجع السابق (١٢/ ٣٧٦) وقال ابن حجر رحمه الله تعليقًا على كلام ابن التين السابق: ويرد عليه الإلهام فإن فيه إخبارًا بما سيكون وهو للأنبياء بالنسبة للوحي كالرؤيا، ويقع لغير الأنبياء كما في الحديث في مناقب عمر «قد كان فيمن مضى من الأمم محدثون» وفسر المحدث بالملهم وقد أخبر كثير من الأولياء عن أمور غيبية, فكانت كما أخبروا. والجواب: أن الحصر في المنام لكونه يشمل آحاد المؤمنين بخلاف الإلهام فإنه مختص بالبعض، ومع كونه مختصًا فإنه نادر، فإنما ذكر المنام لشموله وكثرة وقوعه، ويشير إلى ذلك قوله - صلى الله عليه وسلم - فإن يكن، إلى أن قال: وفي إنكار وقوع ذلك مع كثرته واشتهاره مكابرة ممن أنكره، فتح الباري (١٢/ ٣٧٦) وقد ذكر المعلمي في كتابه التنكيل (٢/ ٢٥٨) تعليلاً آخر وهو أن الإلهام دون الرؤيا فلم يعتد به.
(٢) طرح التثريب (٨/ ٢١٤).

<<  <   >  >>