للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

قلة ضئيلة من الأحلام لا يمكن أن تفسر على هذا الأساس، ولا يمكن بغير تمحل ولا التواء أن تفسر إلا على أساس الاعتراف بصلة ما خفية دقيقة بين هذا الكائن البشري والكون الكبير والغيب المجهول.

وهناك حقيقتان أساسيتان في هذا المجال:

الأولى: أن قلة عدد هذه الأحلام لا ينفي وجودها، ولا يبرر إسقاطها من الحساب، فلم يقل أشد الروحانيين روحانية، إن كل أحلام الناس تنبئية، بل قالوا: إنها القلة التي يراها الإنسان وهو صافي الروح، ولكن واحدًا منها يكفي لإثبات هذه الحقيقة النفسية الفذة، فكيف وهي ليست واحدة فقط، بل مئات وألوف يشهد بهذا الواقع الشخصي لكثير من الناس.

والحقيقة الثانية: هي أن عدم وصول العلم حتى اليوم إلى تفسير هذه الصلة الخفية الدقيقة التي تربط الإنسان بالكون الكبير والغيب المجهول، لا تعني حتمًا هذه الصلة غير موجودة، وكل ما تعنيه أن العلم لم يصل إليها بعد.

ليس إصرار فرويد إذن على نفي العامل الروحي من حياة البشرية مستندًا إلى واقع علمي ثابت، وإنما هو تفسير ناشئ من تأثرات خاصة لا شأن للعلم بها، وليس فرضًا علينا نحن المسلمين خاصة، أن نؤمن بها، ونتلقفها على أنها آيات من التنزيل (١).


(١) الإنسان بين المادية والإسلام (ص٣٦) وانظر: نقد هذه النظرية أيضًا في كتاب علم النفس في التصور الإسلامي (ص١٧) للدكتور عبد الحميد الهاشمي، وفي ظلال القرآن لسيد قطب (٤/ ١٩٧٢).

<<  <   >  >>