للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

أولاً: قولهم إن الرؤيا من أجزاء النبوة، فلا ينبغي أن تهمل.

يجاب عنه من وجوه:

الوجه الأول: إن كانت الرؤيا من أجزاء النبوة فليست تعدل كمال الوحي، بل جزء من أجزائه، والجزء لا يقوم مقام الكل في جميع الوجوه، بل إنما يقوم في مقامه في بعض الوجوه، فقد صرف هذا الجزء إلى جهة البشارة والنذارة، وقد تقدم بيان كون الرؤيا جزءا من أجزاء النبوة، وأن ذلك لا يعني أنها نبوة.

الوجه الثاني: من شرط الرؤيا التي هي جزء من أجزاء النبوة، أن تكون صالحة من الرجل الصالح، وحصول هذه الشروط مما ينظر فيه، فقد تتوافر وقد لا تتوافر (١).

ثانيًا: قولهم إن المخبر في المنام قد يكون النبي - صلى الله عليه وسلم - وهو قد قال: «من رآني في المنام فقد رآني حقًا، فإن الشيطان لا يتمثل بي» وعلى هذا فإخباره في النوم كإخباره في اليقظة.

والجواب أن معنى هذا الحديث أن رؤيته - صلى الله عليه وسلم - في المنام صحيحة وليست من أضغاث الأحلام إذا رآه على صورته التي وصفت لنا (٢).

قال ابن رشد رحمه الله: "وليس معنى قوله - صلى الله عليه وسلم -: «من رآني في المنام فقد رآني حقًا» أن كل من رآه في المنام فقد رآه حقيقة، بدليل أن الرائي قد يراه مرات على صور مختلفة، ويراه الرائي على صفة، وغيره على صفة أخرى، ولا يجوز أن تختلف صور النبي - صلى الله عليه وسلم - ولا صفاته.


(١) انظر: الاعتصام (١/ ٢٦١) وعمدة القارئ شرح صحيح البخاري (٢٤/ ١٣٤) وطرح التثريب (٨/ ٢١٥).
(٢) انظر: شرح النووي لصحيح مسلم (١/ ١١٥).

<<  <   >  >>