للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وإنما معنى الحديث: من رآني على صورتي التي خلقت عليها، وإنما قال: «من رآني فقد رآني» وأني لهذا الرائي الذي رأى أنه رآه على صورة، أنه رآه عليها؟ وإن ظن أنه رآه، ما لم يعلم أن تلك الصورة صورته بعينها، وهذا ما لا طريق لأحد إلى معرفته".

قال الشاطبي رحمه الله: "فهذا ما نقل عن ابن رشد، وحاصله يرجع إلى أن المرئي قد يكون غير النبي - صلى الله عليه وسلم - وإن اعتقد الرائي أنه هو، ثم إن الشيطان قد يأتي النائم في صورة ما، من معارف الرائي وغيرهم فيشير إلى رجل آخر هذا فلان النبي" (١).

وقال النووي رحمه الله في أثناء كلامه على خصائص النبي - صلى الله عليه وسلم -: «أن من رآه في المنام فقد رآه حقًا، فإن الشيطان لا يتمثل في صورته، لكن لا يعمل بما يسمعه الرائي منه في المنام مما يتعلق بالأحكام خلاف ما استقر في الشرع لعدم ضبط الرائي لا للشك في الرؤيا لأن الخبر لا يقبل إلا من ضابط مكلف والنائم بخلافه، فعلى هذا؛ فمن رأى النبي - صلى الله عليه وسلم - في منامه، وخاطبه وكلمه وصل إلى ذهن الرائي لفظ، أو ألفاظ من العوائد التي هي واقعة في زمن الرائي أو قبله وتكون مخالفة لشريعته عليه الصلاة والسلام، فلا يجوز له ولا لغيره التدين بها، ولا أن يعتقد أن ما وصل إلى ذهنه في منامه مما يخالف الشريعة المطهرة أنه صحيح لأن تنزيه النبي - صلى الله عليه وسلم - عن نسبة ذلك وما شاكله أمر واجب ومتعين، إذ أن العصمة في رؤيا صورته الكريمة عليه الصلاة والسلام، ليس إلا دون ما يكون من الزيادة أو النقصان» (٢).


(١) الاعتصام (١/ ٢٦٣).
(٢) تهذيب الأسماء واللغات (١/ ٤٣).

<<  <   >  >>