للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

قال: "من المعلوم أن النبي - صلى الله عليه وسلم - يرى في النوم على حالة تخالف حالته في الدنيا من الأحوال اللائقة به، وتقع تلك الرؤيا حقًا ولو تمكن الشيطان من التمثيل بشيء مما كان عليه، أو ينسب إليه لعارض عموم قوله: «فإن الشيطان لا يتمثل بي» فالأولى أن تنزه رؤياه، وكذا رؤيا شيء منه، أو مما ينسب إليه عن ذلك، فهو أبلغ في الحرمة، وأليق بالعصمة، كما عصم من الشيطان في يقظته".

قال: "والصحيح في تأويل هذا الحديث أن مقصوده أن رؤيته في كل حال ليست باطلة ولا أضغاثًا بل هي حق في نفسها ولو رؤي على غير صورته فتصور تلك الصورة ليس من الشيطان: بل هو من قبل الله" (١).

القول الثاني: قالوا إن رآه على صفته تكون رؤيا حق، ولو رآه على غير صفته تكون رؤيا مثال.

وبهذا قال أبو بكر بن العربي، والقاضي عياض رحمهما الله.

قال أبو بكر بن العربي: "أما رؤية النبي - صلى الله عليه وسلم - فمن رآه في المنام بصفة معلومة فهو إدراك الحقيقة، وإن رآه على غير صفته فهو إدراك المثال" (٢).

وقال القاضي عياض: "يحتمل أن يكون قوله - صلى الله عليه وسلم -: «فقد رآني» المعرفة له في حياته، فإن رؤي على خلافها كانت رؤيا تأولاً لا رؤيا حقيقة".

قال النووي رحمه الله معقبًا على كلام عياض: "وهذا الذي قاله القاضي عياض ضعيف؛ بل الصحيح أنه يراه حقيقة سواء كان على صفته المعروفة أو غيرها" (٣).


(١) فتح الباري (١٢/ ٣٨٣).
(٢) عارضة الأحوذي (٩/ ١٣٠).
(٣) شرح صحيح مسلم للنووي (١٥/ ٢٥).

<<  <   >  >>