للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

صفته فانطبع في نفسه مثاله، فإذا رآه جزم بأنه رأى مثاله المعصوم من الشيطان، فينتفي عنده اللبس والشك في رؤيته عليه الصلاة والسلام.

وثانيهما رجل تكرر عليه سماع صفاته المنقولة في الكتب حتى انطبعت في نفسه صفته عليه الصلاة والسلام، كما حصل ذلك لمن رآه، فإذا رآه جزم برؤية مثاله عليه الصلاة والسلام كما يجزم به من رآه فينتفي عنه اللبس في رؤيته عليه الصلاة والسلام.

وأما غير هذين فلا يحصل له الجزم، بل يجوز أن يكون رآه عليه الصلاة والسلام بمثاله، ويحتمل أن يكون من تخييل الشيطان، ولا يفيد قول المرئي لمن يراه أنه رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ولا قول من يحضر معه هذا رسول الله؛ لأن الشيطان يكذب لنفسه ويكذب لغيره، فلا يحصل الجزم (١).

وبهذا تعرف أهمية دراسة شمائل النبي - صلى الله عليه وسلم - وصفاته الخلقية، فإذا رآه على صورته يأمر بالحق فليستقم، ومن رآه ينهي عن الشر فلينته، أما إذا أمره بباطل هذا من القرائن على عدم رؤيته.

وقد سبق قول شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله في بيان المراد بقولنا «رآه حقًا».

حيث قال: قول النبي - صلى الله عليه وسلم -: «من رآني في المنام فقد رآني حقًا فإن الشيطان لا يتمثل في صورتي» هو كما قال - صلى الله عليه وسلم -: «رآه في المنام حقًا».

فمن قال: ما رآه حقًا فقد أخطأ.

ومن قال: إن رؤيته في اليقظة بلا واسطة كالرؤية المقيدة بالنوم فقد أخطأ ولهذا يكون لهذه تأويل وتعبير دون ذلك (٢).


(١) الفروق (٤/ ٢٤٤، ٢٤٥).
(٢) مجموع الفتاوى لشيخ الإسلام ابن تيمية (١٢/ ٢٧٨).

<<  <   >  >>