للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وأجاب القاضي عياض رحمه الله على هذا الاعتراض باحتمال أن تكون رؤياه له - صلى الله عليه وسلم - في النوم على الصفة التي عرف بها، ووصف بها موجبة لتكرمته في الآخرة، وأن يراه رؤية خاصة من القرب منه، والشفاعة له بعلو الدرجة، ونحو ذلك من الخصوصيات (١).

وعلى هذا القول فيه بشارة لمن رأى النبي - صلى الله عليه وسلم - في المنام بأنه سيموت مسلمًا (٢).

القول السادس: وبه قالت الصوفية: أن من رأى النبي - صلى الله عليه وسلم - في المنام فسيراه في اليقظة في الحياة الدنيا حقيقة ويخاطبه، وذكروا أن جماعة من الصالحين رأوا النبي - صلى الله عليه وسلم - في المنام ثم رأوه بعد ذلك في اليقظة وسألوه عن أشياء كانوا منها متخوفين فأرشدهم إلى طريق تفريجها، فجاء الأمر كذلك (٣).

وهذا القول باطل من وجوه:

الأول: أنه مستحيل شرعًا لأن النبي - صلى الله عليه وسلم - قد مات ولا يعقل أن يحيا بعد موته لقوله تعالى: {إِنَّكَ مَيِّتٌ وَإِنَّهُمْ مَيِّتُونَ} [الزمر: ٣٠] فكيف يقول عاقل بعد ذلك أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - حي.


(١) انظر: فتح الباري (١٢/ ٣٨٥).
(٢) انظر: الفتح الرباني (١٧/ ٢٢٥) ومشتهى الخارف ص (٥٤).
(٣) انظر: فتح الباري (١٢/ ٣٨٥) ومشتهى الخارف ص (٥٤).
وممن قال بهذا القول ابن أبي جمرة في كتابه بهجة النفوس (٤/ ٢٣٧ - ٢٣٩) وتبعه في ذلك السيوطي في كتابه تنوير الحلك في رؤية النبي والملك، المطبوع مع الحاوي في الفتاوى للسيوطي (٢/ ٢٥٥ - ٢٦٩) وكذلك أحمد عز الدين البيانوني في كتابه: الرؤى والأحلام" (١٣ص ٢، ١٣٣).

<<  <   >  >>