للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

ثم هؤلاء لم يستندوا إلى دليل من الشرع، سوى الاحتمال في هذه الأحاديث، ولذا لم يذكر السيوطي في رسالته "تنوير الحلك" سوى الاحتمال في تلك الأحاديث، بل ولم يذكر حديثًا ضعيفًا ولا موقوفًا ولا مرسلاً مع سعة اطلاعه وطول باعه في الحديث، وشدة انتصاره لهذا المذهب.

ولم يذكر عن أحد من الصحابة أو التابعين أنه وقعت له هذه الرؤية في اليقظة.

قال صاحب "المواهب اللدنية": "وأما رؤيته - صلى الله عليه وسلم - في اليقظة بعد موته، فقال شيخنا يعني السخاوي لم يصل إلينا ذلك عن أحد الصحابة، ولا عمن بعدهم وقد اشتد حزن فاطمة عليه - صلى الله عليه وسلم - حتى ماتت كمدًا بعده بستة أشهر على الصحيح، وبيتها مجاور لقبره، ولم ينقل عنها رؤيته في المدة التي تأخرتها عنه" (١).

الثاني: يلزم من هذا القول أن كل من رآه - صلى الله عليه وسلم - في النوم أن يراه في اليقظة وهذا باطل لأن أناسًا كثيرة رأوا النبي - صلى الله عليه وسلم - في المنام ولم يروه في اليقظة في الحياة الدنيا، فيلزم على ذلك أن يكون خبر النبي - صلى الله عليه وسلم - كذبًا، وهذا مستحيل شرعًا (٢).

الثالث: أنه مستحيل عقلاً، فيستحيل أن يرى النبي - صلى الله عليه وسلم - رائيان في مكانين مختلفين فيلزم من ذلك يكون النبي - صلى الله عليه وسلم - شخصية متعددة توجد في كل زمان ومكان.


(١) المواهب اللدنية مع شرحها للزرقاني (٥/ ٢٩٥).
(٢) انظر: فتح الباري (١٢/ ٣٨٥) ومشتهى الخارف ص (٥٥).

<<  <   >  >>