للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

ويؤكد ذلك ابن القيم رحمه الله حيث قال: "قد ضرب الله سبحانه الأمثال وصرفها قدرًا وشرعًا ويقظة ومنامًا، ودل عباده على الاعتبار بذلك، وعبورهم من شيء إلى نظيره واستدلالهم بالنظير على نظيره؛ بل هذا أهَّل عبارة الرؤيا التي هي جزء من أجزاء النبوة ونوع من أنواع الوحي، فإنها مبنية على القياس والتمثيل، واعتبار المعقول بالمحسوس" (١).

ويقرر هذا الأصل الشيخ عبد الرحمن السعدي رحمه الله حيث قال في عبارة الرؤيا: "إنَّ أغلب ما تبنى عليه، المناسبة والمشابهة في الاسم والصفة" (٢).

فالحاصل من كلام هؤلاء العلماء الأئمة، أن تعبير الرؤيا يعتمد على القياس والاعتبار والمشابهة في الاسم والصفة بين الرؤيا التي تمثل جانب المعقول وبين تأويلها الذي يمثل جانب المحسوس.

وسوف تأتي الأمثلة، إن شاء الله، لتوضيح وجه المناسبة والمشابهة بين الاسم والصفة.

والذي يستقرئ الرؤى الواردة في الكتاب والسنة يجدها تؤيد هذا الأصل، وقد ذكر ابن بطال رحمه الله أن الوارد عن الأنبياء، وإن كان أصلاً فلا يعم جميع المرائي، فلا بد للحاذق في هذا الفن أن يستدل بحسن نظره فيرد ما لم ينص عليه إلى حكم التمثيل، ويحكم له بحكم النسبة الصحيحة فيجعل أصلاً يلحق به غيره كما يفعل الفقيه في فروع الفقه (٣).


(١) إعلام الموقعين (١/ ٢٩٠) وانظر: ص (١٩٥).
(٢) تفسير السعدي (٤٥/ ٦٦).
(٣) انظر: فتح الباري (١٢/ ٤١٩).

<<  <   >  >>