للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

ومن أمثلة ذلك ما أخرجه أحمد في مسنده والبخاري من حديث عبد الله بن عمر رضي الله عنهما أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: «رأيت امرأة سوداء ثائرة الرأس خرجت من المدينة حتى قامت بمهيعة (١) فأولت أن وباء المدينة نقل إلى مهيعة، وهي الجحفة» (٢).

قال المهلب: «هذه الرؤيا من قسم الرؤيا المعبرة وهي مما ضرب به المثل، ووجه التمثيل أنه شق من اسم السوداء السوء والداء، فتأول خروجها بما جمع اسمها، وتأول من ثوران شعر رأسها أن الذي يسوء ويثير الشر يخرج من المدينة» (٣).

(هـ) تأويل بدلالة المعاني:

وهذا الأغلب في تأويل الرؤيا، كما يقول السعدي رحمه الله في تفسير سورة يوسف: وإن أغلب ما تبنى عليه، أي الرؤيا، المناسبة والمشابهة في الاسم والصفة. فإن رؤيا يوسف، التي رأى فيها الشمس والقمر وأحد عشر كوكبًا له ساجدين، وجه المناسبة فيها أن هذه الأنوار هي زينة السماء وجمالها وبها منافعها.

فكذلك الأنبياء والعلماء، زينة الأرض وجمالها، وبهم يهتدى في الظلمات، كما يهتدى بهذه الأنوار.


(١) قال الحافظ في الفتح (١٢/ ٤٢٥) «مهيعة بفتح الميم وسكون الهاء بعدها ياء آخر الحروف مفتوحة ثم عين مهملة، وقيل بوزن عظيمة».
(٢) المسند (٢/ ١٠٧، ١١٧) وصحيح البخاري كتاب التعبير ٤١ - باب إذا رأى أنه أخرج الشيء من كوة وأسكنه موضعًا آخر ٤٢ - باب المرأة السوداء، ٤٣ - باب الثائرة الرأس، الأحاديث (٧٠٣٨ - ٧٠٤) (٤/ ٣٠٨).
(٣) فتح الباري (١٢/ ٤٢٦).

<<  <   >  >>