للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

عائشة إذا عبرتم المسلم الرؤيا، فاعبروها على الخير، فإن الرؤيا تكون على ما يعبرها صاحبها، فمات والله زوجها، ولا أراها إلا ولدت غلامًا فاجرًا» (١).

قالوا: هذه الأحاديث صريحة في أن الرؤيا تقع على مثل ما تفسر به، وعليه أن يقال أن الله إذا قدر أن تقع الرؤيا فإنه سبحانه يقدر للعابر أن يفسرها على وفق ما ستقع، ومن ثم أرشدنا النبي - صلى الله عليه وسلم - ألا نقص الرؤيا إلا على عالم، أو ناصح.

وقد أشار ابن كثير رحمه الله إلى هذا القول، في تفسيره لقوله تعالى: {قُضِيَ الْأَمْرُ الَّذِي فِيهِ تَسْتَفْتِيَانِ} [يوسف: ٤١] حيث قال: "أعلمهما – يعني أن يوسف أعلم الفتيين- أن هذا قد فرغ منه، وهو واقع لا محالة؛ لأن الرؤيا على رجل طائر ما لم تعبر، فإذا عبرت وقعت" (٢).

قوله - صلى الله عليه وسلم - في حديث أبي رزين: «الرؤيا على رجل طائر ما لم تعبر، فإذا عبرت وقعت» فمعناه كما قال الخطابي رحمه الله: "هذا مثل معناه لا تستقر قرارها ما لم تعبر" (٣).

وقال ابن الأثير في النهاية: أي أنها على رجل قدر جار، وقضاء ماض من خير أو شر، وأن ذلك هو الذي قسمه الله لصاحبها، من قولهم: اقتسموا دارًا فطار سهم فلان في ناحيتها، أي وقع سهمه وخرج، وكل حركة من كلمة أو


(١) سنن الدارمي كتاب الرؤيا رقم الحديث (٢١٦٣) (٢/ ١٧٤) وحسنه الحافظ في الفتح (١٢/ ٤٣٢).
(٢) تفسير القرآن العظيم (٢/ ٤٧٩).
(٣) معالم السنة (٤/ ١٤٠).

<<  <   >  >>