للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

قال القرطبي رحمه الله في تفسيره: "في الآية دليل على بطلان قول من يقول إن الرؤيا على أول ما تعبر؛ لأن القوم قالوا: أضغاث أحلام، ولم تقع كذلك، فإن يوسف فسرها على سني الجدب والخصب، فكان كما عبر، وفيها دليل على فساد أن الرؤيا على رجل طائر، فإذا عبرت وقعت" (١).

واستدلوا بقوله - صلى الله عليه وسلم - لأبي بكر عندما فسر الرؤيا: «أصبت بعضًا، وأخطأت بعضًا» (٢).

ووجه الدلالة: أن الرؤيا حقيقة لم يدرك بعضها أبو بكر، وأخطأ فيها، ثم بتعبيره لها لم تتغير حقيقتها (٣).


(١) الجامع لأحكام القرآن (٩/ ٢٠١).
(٢) أخرج البخاري في صحيحه في كتاب التعبير ٤٧ - باب من لم ير الرؤيا لأول عابر إذا لم يصب، رقم الحديث (٧٠٤٦) (٤/ ٣٠٩) ومسلم في صحيحه في كتاب الرؤيا ٣ - باب في تأويل الرؤيا، رقم الحديث (٢٢٦٩) (٤/ ١٧٧٧) من حديث ابن عباس رضي الله عنه أن رجلا أتى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فقال: إني رأيت الليلة في المنام أن ظلة تنظف السمن والعسل، فأرى الناس يتكففون منها، فالمستكثر والمستقل، وإذا سبب واصل من الأرض إلى السماء، فأراك أخذت به فعلوت، ثم أخذ به رجل آخر فعلا به، ثم أخذ به رجل آخر فعلا، ثم أخذ به رجل آخر فانقطع ثم وصل له فعلا فقال أبو بكر: يا رسول الله، بأبي أنت، والله لتدعني أعبرها فقال له - صلى الله عليه وسلم -: «اعبرها».
قال: أما الظلة، فالإسلام وأما الذي ينظف من العسل والسمن فالقرآن حلاوته تنظف، فالمستكثر من القرآن والمستقل، وأما السبب الواصل من السماء إلى الأرض فالحق الذي أنت عليه تأخذ به، فيعليك الله، ثم يأخذ به رجل آخر فيعلو به، ثم يأخذ به رجل آخر فيعلو به، ثم يأخذ به رجل فينقطع به، ثم يوصل له فيعلو به، فأخبرني يا رسول الله بأبي أنت وأمي أصبت أم أخطأت؟ قال النبي - صلى الله عليه وسلم -: «أصبت بعضًا وأخطأت بعضًا» قال: فوالله يا رسول الله لتحدثني بالذي اخطأت قال: «لا تقسم».
(٣) انظر: فتح الباري (٤/ ٤٩٤).

<<  <   >  >>