للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

كأن فؤادي بين أظفار طائر ... من الخوف في جو السماء محلق

حذار امرئ قد كنت أعلم أنه ... متى ما يُعِدُّ من نفسه الشر يصدق

وكذلك الرؤيا على رجل طائر ما لم تعبر، يراد أنها تحول في الهواء حتى تعبر، فإذا عبرت وقعت، ولم يرد أن كل من عبرها من الناس وقعت كما عبر، وإنما أراد بذلك العالم بها المصيب الموفق، وكيف يكون الجاهل المخطئ في عبارتها لها عابرًا وهو لم يصب ولم يقارب؟ وإنما يكون عابرًا لها، إذا أصاب.

يقول عز وجل: {إِنْ كُنْتُمْ لِلرُّؤْيَا تَعْبُرُونَ} [يوسف: ٤٣] يريد إن كنتم تعلمون عبارتها ولا أراد أن كل رؤيا تعبر وتؤول؛ لأن أكثرها أضغاث أحلام.

فمنها ما يكون عن حديث النفس، ومنها ما يكون من الشيطان، وإنما تكون صحيحة التي يأتي بها الملك، ملك الرؤيا عن نسخة أم الكتاب في الحين بعد الحين، وهذه الرؤيا الصحيحة هي التي تحول حتى يعبرها العالم بالقياس الحافظ للأصول الموفق للصواب فإذا عبرها وقعت كما عبر (١).

وممن رجح هذا القول الشيخ الألباني رحمه الله حيث قال في قوله - صلى الله عليه وسلم -: «على رجل طائر» أي أنها لا تستقر ما لم تعبر، كما قال الطحاوي والخطابي وغيرهما، والحديث صريح بأن الرؤيا تقع على مثل ما تعبر، ولذلك أرشدنا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إلى ألا نقصها إلا على ناصح أو عالم؛ لأن المفروض فيهما أن يختار أحسن المعاني في تأويلها فتقع على وفق ذلك، لكن مما لا ريب فيه أن


(١) تأويل مختلف الحديث ص (٤١٥، ٤١٦).

<<  <   >  >>