للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

ووجه تعبير القميص بالدين أن القميص يستر العورة في الدنيا، والدين يسترها في الآخرة ويحجبها عن كل مكروه، والأصل فيه قوله تعالى: {وَلِبَاسُ التَّقْوَى ذَلِكَ خَيْرٌ}. [الأعراف: ٢٦]

والعرب تُكني هنا الفضل والعفاف بالقميص (١).

ويقول ابن القيم رحمه الله: "ألا ترى أن الثياب في التأويل كالقمص تدل على الدين، فما كان فيها من طول أو قصر أو نظافة أو دنس فهو في الدين، كما أول النبي - صلى الله عليه وسلم - القميص بالدين والعلم، والقدر المشترك بينهما أن كلاًّ منهما يستر صاحبه ويجمله بين الناس" (٢).

وقال ابن العربي رحمه الله في تأويله - صلى الله عليه وسلم - القميص بالدين: "وذلك لأن الدين يستر عورات الجهل، كما يستر الثوب عورات البدن، فالذي كان يبلغ للثدي هو الذي يستر قلبه عن الكفر، والذي كان يبلغ أسفل من ذلك هو الذي يستر فرجه، وما دون ذلك هو الذي يستر رجليه عن المشي فيما لا ينبغي، والذي يستره ويجره هو الذي احتجب بالتقوى من الوجوه كلها، ومن هو إلا عمر" (٣).

قال الحافظ ابن حجر: "وهذا الحديث من أمثلة ما يحمد في المنام ويذم في اليقظة شرعًا؛ أعني جر القميص، لما ثبت من الوعيد في تطويله" (٤) (٥).


(١) انظر: فتح الباري (١٢/ ٣٩٦).
(٢) إعلام الموقعين (١/ ١٩٠).
(٣) عارضة الأحوذي (٩/ ١٣٦).
(٤) لما أخرجه البخاري في صحيحه في كتاب اللباس ٥ - باب من جر ثوبه من الخيلاء رقم (٥٧٨٨) (٤/ ٥٤) من حديث أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: «لا ينظر الله يوم القيامة إلى من جر إزاره بطرًا».
(٥) فتح الباري (١٢/ ٣٩٦).

<<  <   >  >>