للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وممن نسب هذا القول لبعض المعتزلة شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله وهو معروف بدقة معرفته بأقوال أهل الملل والنحل ورده عليهم.

حيث قال في كتابه بيان تلبيس الجهمية: «وحكوا عن طائفة من المعتزلة وغيرهم إنكار رؤية الله، يعني في المنام، والنقل بذلك متواتر عمن رأي ربه في المنام، ولكن لعلهم قالوا: لا يجوز أن يعتقد أنه رأى ربه في المنام فيكونون قد جعلوا مثل هذا من أضغاث الأحلام، ويكونون من فرط سلبهم ونفيهم نفوا أن تكون رؤية الله في المنام رؤية صحيحة كسائر ما يرى في المنام، فهذا مما يقوله المتجهمة، وهو باطل مخالف لما اتفق عليه سلف الأمة وأئمتها بل ولما اتفق عليه عامة عقلاء بني آدم» (١).

وقريب من قول المعتزلة السابق في حقيقة الرؤيا، ما ينسب إلى الأشاعرة (٢) فقد ذكر الإيجي (٣) وهو أشعري العقيدة، في كتابه المواقف في علم الكلام أن قول المعتزلة والأشاعرة في الرؤيا أنها خيال باطل، وإنما فرق بين القولين في التعليل فقط.

فقال: «وأما الرؤيا فخيال باطل عند المتكلمين، أما عند المعتزلة فلفقد شرائط الإدراك، من المقابلة وانبعاث الشعاع، وتوسط الهواء، وأما عند الأصحاب إذا


(١) بيان تلبيس الجهمية (١/ ٧٣).
(٢) هم الذي ينتسبون إلى أبي الحسن الأشعري، من المتكلمين، يقولون لله تعالى سبع صفات، السمع، والبصر، والعلم، والكلام، والقدرة، والإرادة والحياة، وبقية الصفات يؤولونها وينكرون الأسباب والحكم، وأهم خلاف لهم مع أهل السنة في الصفات وفي كلام الله، وعندهم أن الإيمان هو التصديق بالقلب فقط، انظر آرائهم في: الملل والنحل للشهرستاني (١/ ٩٤) والفصل في الملل والنحل (٥/ ٧٧).
(٣) هو عبد الرحمن بن أحمد بن عبد الغفار بن أحمد الإيجي (٧٠٨ - ٧٥٦ هـ).
انظر ترجمته في: الدرر الكامنة (٢/ ٣٢٣) وشذرات الذهب (٦/ ١٧٤، ١٧٥) ومعجم المؤلفين (٥/ ١١٩).

<<  <   >  >>