للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

فنحن لا نقول كما تقول المعتزلة أن الرؤى كلها خيالات باطلة لا حقيقة لها، ولا كما تقول الفلاسفة أنها من فعل الطبائع بل نقول كما يقول ربنا عز وجل: {لَقَدْ صَدَقَ اللهُ رَسُولَهُ الرُّؤْيَا بِالْحَقِّ} [الفتح: ٢٧] وكما يقول نبينا - صلى الله عليه وسلم - «الرؤيا الصادقة من الله، والحلم من الشيطان».

وفي بيان حقيقة الرؤيا الصادقة وأنها حق، قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله في قول رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «من رآني في المنام فقد رآني حقًا، فإن الشيطان لا يتمثل في صورتي» (١) هو كما قال - صلى الله عليه وسلم - رآه في المنام حقًا، فمن قال: ما رآه في المنام حقًا فقد أخطأ، ومن قال: إن رؤيته في اليقظة بلا واسطة كالرؤية بالواسطة المقيدة بالنوم فقد أخطأ، ولهذا يكون لهذه تأويل وتعبير دون تلك (٢).

وفي مواضع متعددة يقرر شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله أن ما يراه النائم في نومه عبارة عن أمثال مضروبة له.

فيقول في كتابه منهاج السنة النبوية: "والنائم يرى في المنام إنسانًا يخاطبه ويشاهده، ويجري معه فصولاً، وذلك المرئي قاعد في بيته، أو ميت في قبره، وإما رأى مثاله (٣).


(١) أخرجه البخاري في صحيحه، في كتاب التعبير، باب من رأى النبي - صلى الله عليه وسلم - في المنام (٤/ ٢٩٩) ومسلم في صحيحه، كتاب الرؤيا، باب قول النبي - صلى الله عليه وسلم - «من رآني في المنام فقط رآني» (٤/ ١٧٧٥) وله ألفاظ متعددة سوف يأتي إن شاء الله التفصيل فيها، وهو من الأحاديث المتواترة.
وانظر: قطف الأزهار المتناثرة في الأخبار المتواترة للسيوطي (١٧١ - ١٧٣) تحقيق: خليل محيي الدين، المكتب الإسلامي.
(٢) ضمن جواب لشيخ الإسلام ابن تيمية، مطبوع ضمن مجموع الفتاوى له (١٢/ ٢٧٨).
(٣) منهاج السنة النبوية (٥/ ٣٧٨) تحقيق: محمد رشاد سالم رحمه الله من مطبوعات جامعة الإمام.

<<  <   >  >>