للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وفي كتابه الفرقان بين أولياء الرحمن وأولياء الشيطان يقول رحمه الله ما ملخصه:

إن النائم يرى الأشياء في منامه ولها وجود وتحقق، ولكنها أمثلة فلما عزب عقله في أثناء النوم ظنها الرائي نفس الحقائق كالذي يرى نفسه في مكان آخر يكلم أمواتًا ويكلمونه، ويفعل أمورًا كثيرة، وهو في النوم يجزم بأنه نفسه الذي يقول ويفعل؛ لأن عقله عزب عنه، وتلك الصورة التي رآها مثال صورته لكن غاب عقله عن نفسه، حتى ظن أن ذلك المثال هو نفسه، فلما ثاب إليه عقله علم أن ذلك مثالات.

ومن الناس من لا يغيب عقله؛ بل يعلم أن ذلك في المنام، وهو كالذي يرى صورته في المرآة، أو صورة غيره (١).

وقد ذكر قريبًا من ذلك في كتابه قاعدة في المعجزات والكرامات (٢).

فإذا كانت الرؤى عبارة عن أمثلة وأحاديث نفس، فإنه قد ورد في بعض تعاريف العلماء كلمات تحتاج إلى تفصيل فمن ذلك أن منهم من يعرف الرؤيا بأنها إدراكات مخلوقة أو اعتقادات مخلوقة، فهل هذا التعريف صحيح أو لا؟ (٣).

قال ابن العربي رحمه الله في حقيقة الرؤيا: أنها إدراكات يخلقها الله في قلب العبد على يدي الملك أو الشيطان، إما بأمثالها، وإما أمثالاً بكناها، وإما


(١) الفرقان بين أولياء الرحمن وأولياء الشيطان، ضمن مجموع الفتاوى (١٣/ ٧٦).
(٢) مطبوعة ضمن مجموع الفتاوى (١١/ ٦٣٦، ٦٣٧) وانظر: كتاب بيان تلبيس الجهمية (١/ ٧٢).
(٣) وإنما نبهت على هذه المسألة لكثرة من يذكر هذا التعريف في الكتب المتداولة بين الناس وينسبه إلى أهل السنة والجماعة.

<<  <   >  >>