للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

أجسادها، ويرسل الأخرى التي لم تقبض بموت أجسادها حتى تعود إلى أجسادها إلى أن يأتي أجلها المسمى لموتها».

{إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَاتٍ لِقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ} لدلالات للمتفكرين على عظيم قدرة الله سبحانه وتعالى وعلى أمر البعث؛ فإن الاستيقاظ بعد النوم شبيه به، ودليل عليه، فهذا واضح، والذي يشكل في ذلك أن النفس المتوفاة في المنام أهي الروح المتوفاة عند الموت أم هي غيرها؟ فإن كانت هي الروح فتوفيها في النوم يكون بمفارقتها الجسد أم لا، وقد أعوز الحديث الصحيح والنص الصريح والإجماع أيضًا لوقوع الخلاف فيه بين العلماء:

(١) فمنهم: من يرى أن للإنسان نفسًا تتوفى عند منامه غير النفس التي هي الروح، والروح لا تفارق الجسد عند النوم، وتلك النفس المتوفاة في النوم هي التي يكون بها التمييز والفهم، وأما الروح فبها تكون الحياة ولا تقبض إلا عند الموت (١).

(٢) ومنهم: من ذهب إلى أن النفس التي تتوفى عند النوم هي الروح نفسها. واختلف هؤلاء في توفيها:

(أ) فمنهم: من يذهب إلى أن معنى وفاة الروح بالنوم قبضها عن التصرف مع بقائها في الجسد، وهذا موافق للأول من وجه، ومخالف له من وجه (٢).


(١) انظر: معالم التنزيل تفسير البغوي (٤/ ٨١) وقال القرطبي في تفسيره (١٥/ ٢٦١) وهذا قول ابن الأنبيار والزجاج، قال القشيري أبو نصر: وفي هذا بُعد، إذ المفهوم من الآية أن النفس المقبوضة في الحالي شيء واحد، وانظر: زاد المسير لابن الجوزي (٧/ ١٨٦).
(٢) انظر: زاد المسير لابن الجوزي (٧/ ١٨٦) والجامع لأحكام القرآن للقرطبي (١٥/ ٢٦١) (٧/ ٥) ووجه الموافقة في قولهم أن النفس تبقى في الجسد، ووجه المخالفة قولهم أن النفس هي الروح.

<<  <   >  >>