للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

(ب) ومنهم: من ذهب إلى أن الروح تتوفى عند النوم بقبضها من الجسد ومفارقتها له، وهذا الذي نجيب به، وهو الأشبه بظاهر الكتاب والسنة.

والفرق بين القبضتين والوفاتين أن الروح في حالة النوم تفارق الجسد على أنها تعود إليه فلا تخرج خروجًا تنقطع به العلاقة بينها وبين الجسد، بل يبقى أثرها الذي هو حياة الجسد باقيًا فيه، فأما حالة الموت فالروح تخرج من الجسد مفارقة له بالكلية فلا تخلف فيه شيئا من أثرها، فلذلك تذهب الحياة معها عند الموت دون النوم، ثم إن إدراك كيفية ذلك والوقوف على حقيقته متعذر فإنه من أمر الروح، وقد استأثر بعلمه الجليل، تبارك وتعالى، فقال سبحانه: {قُلِ الرُّوحُ مِنْ أَمْرِ رَبِّي وَمَا أُوتِيتُمْ مِنَ الْعِلْمِ إِلَّا قَلِيلًا} [الإسراء: ٨٥].اهـ (١).

وقال القرطبي رحمه الله بعد أن ذكر الأقوال السابقة: «ويقال: هذا أمر لا يعرف حقيقته إلا الله تعالى، وهذا أصح الأقوال، والله أعلم» (٢).

وقال أيضًا رحمه الله في تفسير آية الزمر: «فقد اختلف الناس في هذه الآية في النفس والروح، هل هما شيء واحد أو شيئان على ما ذكرنا، والأظهر أنها شيء واحد، وهذا هو الذي تدل عليه الآثار الصحاح» (٣).

ومما يدل على مفارقة روح النائم لجسده، وأن الروح هي النفس الأحاديث التالية.


(١) فتاوى ابن الصلاح المطبوع ضمن الرسائل المنيرية (٤/ ٣).
(٢) الجامع لأحكام القرآن (٧/ ٥).
(٣) الجامع لأحكام القرآن (١٥/ ٢٦١).

<<  <   >  >>