للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

قدمها بقوله: {يَتَوَفَّى الْأَنْفُسَ حِينَ مَوْتِهَا} وعلى هذا يدل الكتاب والسنة، فإن الله قال: {اللهُ يَتَوَفَّى الْأَنْفُسَ حِينَ مَوْتِهَا وَالَّتِي لَمْ تَمُتْ فِي مَنَامِهَا فَيُمْسِكُ الَّتِي قَضَى عَلَيْهَا الْمَوْتَ وَيُرْسِلُ الْأُخْرَى إِلَى أَجَلٍ مُسَمًّى} فذكر إمساك التي قضى عليها الموت من هذه الأنفس التي توفاها بالنوم، وأما التي توفاها حين موتها فتلك لم يصفها بإمساك ولا إرسال ولا ذكر في الآية التقاء الموتى والنيام (١).

وقد ذكر ابن القيم رحمه الله في كتابه الروح أن هذا القول هو اختيار شيخ الإسلام (٢).

ثم قال رحمه الله: والذي يترجح هو القول الأول لأنه سبحانه أخبر بوفاتين وفاة كبرى وهي وفاة الموت، ووفاة صغرى وهي وفاة النوم، وقسم الأرواح قسمين قسما قضي عليها الموت فأمسكها عنده وهي التي توفاها وفاة الموت، وقسما لها بقية أجل فردها إلى جسدها إلى استكمال أجلها وجعل سبحانه الإمساك والإرسال حكمين للوفاتين المذكورتين أولا.

فهذه ممسكة وهذه مرسلة، وأخبر أن التي لم تمت هي التي توفاها في منامها فلو كان قد قسم وفاة النوم إلى قسمين وفاة موت، ووفاة نوم لم يقل {وَالَّتِي لَمْ تَمُتْ فِي مَنَامِهَا} فإنها من حين قبضت ماتت، وهو سبحانه قد أخبر أنها لم تمت فكيف يقول بعد ذلك {فَيُمْسِكُ الَّتِي قَضَى عَلَيْهَا الْمَوْتَ}.


(١) شرح حديث النزول (٩٤) منشورات المكتب الإسلامي الطبعة السادسة (١٤٠٢) هـ.
(٢) وهذا مما يؤكد أن كتاب الروح ألفه ابن القيم رحمه الله بعد اتصاله بشيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله، وانظر: الروح (٢١، ٣٤، ٨٣، ١٤٥) حيث يستشهد بأقوال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله.

<<  <   >  >>