للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

قال الحافظ ابن كثير: «يقول الله تعالى ناهيا لرسوله - صلى الله عليه وآله وسلم - عن سبّ آلهة المشركين وإن كان فيه مصلحة إلا أنه يترتب عليه مفسدة أعظم منها وهي مقابلة المشركين بسَبّ إله المؤمنين» (١).

ويجوز سب آلهتهم عند أمن الفتنة كما فعل أبو بكر - رضي الله عنه - في صلح الحديبية (٢).

٣ - قال الأستاذ محمد حسين: «وعذرهم الله بجهلهم»:

الرد:

عذر من؟! المشركين الذين يسبون الله - عز وجل - ويعبدون الأصنام؟! فلماذا يدخلهم النار؟! وإذا كان الله - عز وجل - قد عذر الكافر المشرك أبا لهب بجهله فلِمَ قال: {سَيَصْلَى نَارًا ذَاتَ لَهَبٍ} [المسد: ٣]؟! ولماذا قال تعالى: {إِنَّ اللهَ لاَ يَغْفِرُ أَن يُشْرَكَ بِهِ وَيَغْفِرُ مَا دُونَ ذَلِكَ لِمَن يَشَاء وَمَن يُشْرِكْ بِاللهِ فَقَدِ افْتَرَى إِثْمًا عَظِيمًا} [النساء: ٤٨]، وقال تعالى: {إِنَّهُ مَن يُشْرِكْ بِاللهِ فَقَدْ حَرَّمَ اللهُ عَلَيهِ الْجَنَّةَ وَمَأْوَاهُ النَّارُ وَمَا لِلظَّالِمِينَ مِنْ أَنصَارٍ} [المائدة: ٧٢]؟! بل لماذا قال الله تعالى في حق النصارى: {وَقَالُوا اتَّخَذَ الرَّحْمَنُ وَلَداً * لَقَدْ جِئْتُمْ شَيْئاً إِدّاً * تَكَادُ السَّمَاوَاتُ يَتَفَطَّرْنَ مِنْهُ وَتَنشَقُّ الْأَرْضُ وَتَخِرُّ الْجِبَالُ هَدّاً * أَن دَعَوْا لِلرَّحْمَنِ وَلَداً * وَمَا يَنبَغِي لِلرَّحْمَنِ أَن يَتَّخِذَ وَلَداً * إِن كُلُّ مَن فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ إِلَّا آتِي الرَّحْمَنِ عَبْداً} [مريم: ٨٨ - ٩٣] وقال - عز وجل -: {لَقَدْ كَفَرَ الَّذِينَ قَالُوا إِنَّ اللهَ هُوَ الْمَسِيحُ ابْنُ مَرْيَمَ وَقَالَ الْمَسِيحُ يَا بَنِي إِسْرَائِيلَ اعْبُدُوا اللهَ رَبِّي وَرَبَّكُمْ إِنَّهُ مَن يُشْرِكْ بِاللهِ فَقَدْ حَرَّمَ اللهُ عَلَيهِ الْجَنَّةَ وَمَأْوَاهُ النَّارُ وَمَا لِلظَّالِمِينَ مِنْ أَنصَارٍ} [سورة المائدة: ٧٢] وقال - عز وجل -: {لَّقَدْ كَفَرَ الَّذِينَ قَآلُوا إِنَّ اللهَ هُوَ الْمَسِيحُ ابْنُ مَرْيَمَ قُلْ فَمَن يَمْلِكُ مِنَ اللهِ شَيْئًا إِنْ أَرَادَ أَن يُهْلِكَ الْمَسِيحَ ابْنَ مَرْيَمَ وَأُمَّهُ وَمَن فِي الأَرْضِ جَمِيعًا وَلِلهِ مُلْكُ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ وَمَا بَيْنَهُمَا يَخْلُقُ مَا يَشَاء وَاللهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ} [سورة المائدة: ١٧].

وإذا كان الله قد عذرهم بجهلهم وإذا كان نبينا - صلى الله عليه وآله وسلم - قد عذرهم، فلماذا حاربهم


(١) تفسير القرآن العظيم عند تفسير الآية ١٠٨من سورة الأنعام.
(٢) رواه البخاريُّ (٢٥٢٩).

<<  <   >  >>