للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

القاعدة التاسعة عشرة

الفرق بين البدعة والمبتدع

الحكم على العمل الحادث أنه بدعة إنما هو حكم جارٍ على وفق القواعد العلمية والضوابط الأصولية التي يصدر عن دراستها وتطبيقها ذلك الحكم بوضوح وبيان.

أما صاحب هذه البدعة فقد يكون مجتهدًا، فمثل هذا الاجتهاد ـ ولو أنه خطأـ فإنه يدرأ عنه الوصف بالابتداع. وقد يكون جاهلًا فيُنفى عنه ـ لجهله ـ الوصف بسمة الابتداع، مع ترتيب الإثم عليه؛ لتقصيره في طلب العلم. وقد تكون هناك موانع أخرى من الحكم على مرتكب البدعة بالابتداع.

أما من أصر على بدعته بعد ظهور الحق له؛ اتباعًا للآباء والأجداد، وجريًا وراء المألوف والمعتاد، فمثل هذا يليق به الوصف بالانتداع؛ لإعراضه عن الحق.

قال شيخ الإسلام ابن تيمية: «قال تعالى: {أَمْ لَهُمْ شُرَكَاء شَرَعُوا لَهُم مِّنَ الدِّينِ مَا لَمْ يَأْذَن بِهِ اللهُ} [الشورى: ٢١]، فمن ندب إلى شيء يتقرب به إلى الله، أو أوجبه بقوله أو فعله، من غير أن يشرعه الله: فقد شرع من الدين ما لم يأذن به الله ومن اتبعه في ذلك فقد اتخذه شريكاً له، شرع له من الدين ما لم يأذن به الله، نَعَم قد يكون متأولاً في هذا الشرع، فيغفر له لأجل تأويله، إذا كان مجتهداً الاجتهاد الذي يُعْفي فيه عن المخطاء، ويثاب أيضاً على اجتهاده، لكن لا يجوز اتباعه في ذلك، كما لا يجوز اتباع سائر من قال أو عمل قولاً قد عُلم الصواب في خلافه، وإن كان القائل أو الفاعل مأجوراً أو معذوراً» (١).


(١) اقتضاء الصراط المستقيم (ص٢٤٢).

<<  <   >  >>