للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

القاعدة الحادية عشرة

الفرق بين البدع والاستحسان

لأهل البدع تعلق بالاستحسان، فإن الاستحسان لا يكون إلا بمُسْتَحْسِن، وهو إما العقل أو الشرع، أما الشرع فاستحسانه واستقباحه قد فُرغ منهما؛ لأن الأدلة اقتضت ذلك فلا فائدة لتسميته استحساناً، فلم يبق إلا العقل هو المستحسن، فإن كان بدليل فلا فائدة لهذه التسمية لرجوعه إلى الأدلة لا إلى غيرها، وإن كان بغير دليل فذلك هو البدعة التي تُستحسَن (١).

* تعريف الاستحسان: الاستحسان له ثلاثة معان:

١ - العدول بحكم المسألة عن نظائرها لدليل خاص من كتاب أو سنة.

٢ - ما يستحسنه المجتهد بعقله.

٣ - دليل ينقدح في نفس المجتهد لا يقدر على التعبير عنه، وبطلان هذين التعريفين ـ الأخيرين ـ ظاهر، لأن المجتهد ليس له الاستناد على مجرد عقله في تحسين شيء، وما لم يعبر عنه لا يمكن الحكم له بالقبول حتى يظهر ويعرض على الشرع (٢).

مثالان:

- أن يعدل بالمسألة عن نظائرها بدليل الكتاب، كقوله تعالى: {خُذْ مِنْ أَمْوَالِهِمْ صَدَقَةً تُطَهِّرُهُمْ وَتُزَكِّيهِم بِهَا} [التوبة: ١٠٣] فظاهر اللفظ العموم في جميع ما يُتَمَول به.

- الإمام مالك بن أنس من مذهبه أن يترك الدليل للعرف، فإنه ردَّ الأيْمان إلى


(١) الاعتصام (٢/ ٤٦٩) بتصرف.
(٢) مذكرة أصول الفقه للشيخ الشنقيطي (ص١٦٧) بتصرف.

<<  <   >  >>