وخلاصةُ القول: أن حاصل المصالح المرسلة يرجع إلى حفظ أمرٍ ضروري، أو رفع حرجٍ لازم في الدين، وليست البدع ـ عند من يدعيها ـ هكذا بيقين؛ لأن المبتدع إنما يفعل البدع بقصد زيادة التقرب إلى الله وإن لم يكن هناك حاجة لإحداث ذلك الفعل.
قال الإمام الشاطبي:«فإذا ثبت أن المصالح المرسلة ترجع إما إلى حفظ ضروري من باب الوسائل أو إلى التخفيف؛ فلا يمكن إحداث البدع من جهتها ولا الزيادة في المندوبات؛ لأن البدع من باب الوسائل، لأنها متعبد بها بالفرض، ولأنها زيادة في التكليف وهو مضاد للتخفيف.
فحصل من هذا كله أن لا تعلق للمبتدع بباب المصالح المرسلة إلا القسم الملغي باتفاق العلماء، وبذلك كله يُعلم مِن قصْد الشارع أنه لم يَكِلْ شيئاً من التعبدات إلى آراء العباد فلم يبق إلا الوقوف عند ما حده، والزيادة عليه بدعة؛ كما أن النقصان منه بدعة» (١).