للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

تنافي دليلاً من أدلة أحكامه، بل تكون من جنس المصالح التي قصد الشارع تحصيلها, أو قريبة منها ليست غريبة عنها.

٢ - أن تكون معقولة بذاتها، بحيث لو عرضت على العقول السليمة لتلقتها بالقبول.

٣ - أن يكون الأخذ بها لحفظ ضروري أو لدفع حرج؛ لأن الله تعالى يقول: {وَمَا جَعَلَ عَلَيْكُمْ فِي الدِّينِ مِنْ حَرَجٍ} [الحج: ٧٨].

٤ - أن تكون المصلحة التي تترتب على تشريع الحكم مصلحة حقيقية لا وهمية.

٥ - أن تكون المصلحة عامة لا خاصة، أي أن يوضع الحكم لمصلحة عموم الناس لا لمصلحة فرد معين أو فئة معينة (١).

* والضابط الذي تتميز به المصلحة المرسلة عن البدع المحدثة هو ما قاله شيخ الإسلام ابن تيمية: «والضابط في هذا ـ والله أعلم ـ أن يقال: إن الناس لا يحدثون شيئاً إلا لأنهم يرونه مصلحةً، إذ لو اعتقدوه مفسدةً لم يحدثوه؛ فإنه لا يدعو إليه عقل ولا دين، فما رآه الناس مصلحةً؛ نظر في السبب المحوج إليه: فإن كان السبب المحوج إليه أمراً حدث بعد النبي - صلى الله عليه وآله وسلم - لكن من غير تفريط منه؛ فهنا قد يجوز إحداث ما تدعو الحاجة إليه.

وكذلك إن كان المقتضي لفعله قائماً على عهد رسول الله - صلى الله عليه وآله وسلم -، لكن تركه النبي - صلى الله عليه وآله وسلم - لعارضٍ زال بموته وأما ما لم يحدث سبب يحوج إليه، أو كان السبب المحوج إليه بعض ذنوب العباد فهنا لا يجوز الإحداث.

فكل أمرٍ يكون المقتضي لفعله على عهد رسول الله - صلى الله عليه وآله وسلم - موجوداً، لو كان مصلحةٍ ولم يُفْعَل: يُعْلم أنه ليس بمصلحةٍ. وأما ما حدث المقتضي له بعد موته من غير معصية الخالق؛ فقد يكون مصلحةً» (٢) ا. هـ.


(١) الوجيز في أصول الفقه (ص ٢٤٢)، وانظر الاعتصام (٢/ ٢٦٤ - ٢٦٩).
(٢) اقتضاء الصراط المستقيم (٢/ ٥٩٤).

<<  <   >  >>