للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

فاستحضر في تلك الحالة قصة ذلك النبي الذي كان قبله فذكر قصته لأصحابه تطييباً لقلوبهم ... وفي صحيح ابن حبان من حديث سهل بن سعد أن النبي - صلى الله عليه وآله وسلم - قال: «اللهم اغفر لقومي فإنهم لا يعلمون»، قال ابن حبان: «معنى هذا الدعاء الذي قال يوم أحد لما شج وجهه: أي اغفر لهم ذنبهم في شج وجهي، لا أنه أراد الدعاء لهم بالمغفرة مطلقاً»» (١).

قال شيخ الإسلام ابن تيمية: « ... وكذلك ينفع دعاؤه (أي دعاء الرسول) لهم (أي للكفار) بألا يعجل عليهم العذاب في الدنيا كما كان - صلى الله عليه وآله وسلم - يحكى نبِيّاً من الأنبياء ضربه قومه وهو يقول: «اللهم اغفر لقومي فإنهم لا يعلمون»، ورُوي أنه دعا بذلك أن اغفر لهم فلا تعجل عليهم العذاب في الدنيا، قال تعالى: {وَلَوْ يُؤَاخِذُ اللهُ النَّاسَ بِمَا كَسَبُوا مَا تَرَكَ عَلَى ظَهْرِهَا مِن دَابَّةٍ وَلَكِن يُؤَخِّرُهُمْ إِلَى أَجَلٍ مُّسَمًّا} [فاطر: ٥]» (٢).

خامساً: قال الأستاذ محمد حسين (ص١٠٠): «إن الله أثبت أخوّة بين المخالفين في العقيدة هي أخوة القومية والوطنية والمصالح المشتركة بين المتخالفين في العقيدة، فقال سبحانه وتعالى: {وَإِلَى عَادٍ أَخَاهُمْ هُودًا} [هود: ٥٠]، {وَإِلَى ثَمُودَ أَخَاهُمْ صَالِحًا} [هود: ٦١]، {وَإِلَى مَدْيَنَ أَخَاهُمْ شُعَيْبًا} [هود: ٨٤]، {إِذْ قَالَ لَهُمْ أَخُوهُمْ نُوحٌ أَلا تَتَّقُونَ} [الشعراء: ١٠٦]، {إِذْ قَالَ لَهُمْ أَخُوهُمْ لُوطٌ أَلا تَتَّقُونَ} [الشعراء: ١٦١]، فهذه أخوة خلاف أخوة العقيدة في قوله تعالى: {فَأَلَّفَ بَيْنَ قُلُوبِكُمْ فَأَصْبَحْتُم بِنِعْمَتِهِ إِخْوَانًا} [آل عمران: ١٠٣] فلا مشاحة في أن نقول: إخواننا النصارا، أو نقول: إخواننا وأبناء وطننا من النصارا، ولا عيب أن نتناصح ونتشارك في المصالح الوطنية المشتركة».

* الرد:


(١) فتح الباري (٦/ ٦٣٠ - ٦٣١) بتصرف.
(٢) مجموع الفتاوى (١/ ١٠٩)، الطبعة القديمة (١/ ١٤٤).

<<  <   >  >>