للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

مقياس أن هذه بدعة حسنة وهذه بدعة سيئة؟ المقياس هو الشرع وقد قال - صلى الله عليه وآله وسلم -: «كل بدعة ضلالة» (١).

٧ - كثيرٌ من الذين قالوا بالبدع الحسنة قد أنكروا أعمالا في ظاهرها الحُسْن، بل إنك تجد أحد العلماء يقول في بدعةٍ ما إنها حسنة بينما تجد عالماً آخر وهو ممن يقول بالبدع الحسنة ينكرها أشد الإنكار وإليك بعض الأمثلة على ذلك:

أ- العز بن عبد السلام وهو من أشهر من قال بتقسيم البدع إلى بدع حسنة وبدع سيئة يقول: «فإن الشريعة لم ترِد بالتقرب إلى الله تعالى بسجدةٍ منفردةٍ لا سبب لها، فإن القرب لها أسباب، وشرائط، وأوقات، وأركان، لا تصح بدونها.

فكما لا يتقرب إلى الله تعالى بالوقوف بعرفة ومزدلفة ورمي الجمار، والسعي بين الصفا والمروة من غير نسكٍ واقعٍ في وقته بأسبابه وشرائطه، فكذلك لا يتقرب إليه بسجدةٍ منفردةٍ، وإن كانت قربةً، إذا لم يكن لها سبب صحيح.

وكذلك لا يتقرب إلى الله - عز وجل - بالصلاة والصيام في كل وقتٍ وأوانٍ، وربما تقرب الجاهلون إلى الله تعالى بما هو مبعد عنه، من حيث لا يشعرون» (٢) اهـ.

وهذا الكلام صدر من العز بن عبد السلام - رحمه الله - أثناء إنكاره لصلاة الرغائب المبتدعة؛ وقد أنكر هذه الصلاة بالإضافة إلى العز بن عبد السلام كثير من العلماء القائلين بالبدعة الحسنة مثل الإمام النووي في فتاويه (ص٥٧) مع العلم أن بعض العلماء قال باستحبابها وعدوها من البدع الحسنة.

ب - الإمام أبو شامة - رحمه الله - أنكر في كتابه (الباعث على إنكار البدع والحوادث) كثيراً من بدع الجنائز مثل قول القائل أثناء حمل الجنازة: استغفروا له غفر الله لكم، كما أنكر أن يكون للجمعة سنة قبلية (ص٢٥٨ - ٣٠٤)، وأنكر كذلك صلاة الرغائب (ص١٣٨ - ١٩٦)، وأنكر كذلك صلاة ليلة النصف من شعبان (ص١٣٤ - ١٣٨)،


(١) راجع أيضاً: القاعدة الثامنة: هل في الإسلام بدعة حسنة؟
(٢) الترغيب عن صلاة الرغائب الموضوعة (ص٧ - ٨).

<<  <   >  >>