للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

يعرف إلا من جهة الشرع؛ لأن التحسين والتقبيح مختص بالشرع، لا مدخل للعقل فيه وهو مذهب جماعة أهل السنة، وإنما يقول به المبتدعة، أعنى: التحسين والتقبيح بالعقل، فلزم أن تكون السنة في الحديث إما حسنة في الشرع وإما قبيحة بالشرع فلا يصدق إلا على مثل الصدقة المذكورة، وما أشبهها من السنن المشروعة وتبقى السنة السيئة مُنَزّلة على المعاصي التي ثبت بالشرع كونها معاصي، كالقتل في حديث ابن آدم حيث قال - صلى الله عليه وآله وسلم -: «لأنه أول من سَنَّ القتل» (١) وعلى البدع لأنه قد ثبت ذمها والنهي عنها بالشرع كما تقدم» (٢).

٢ - يقول الأستاذ محمد حسين: «فالحديث يثبت الابتداع الحسن في الإسلام ويقره».

ونقول له: من أين لك هذا؟ وقد قال - صلى الله عليه وآله وسلم -: «من سن في الإسلام سنة حسنة»، ولم يقل: «من ابتدع في الإسلام بدعة حسنة».

ومما يدل على تناقضه قوله بعد سطور: «وأما حسنة وسيئة فهو مما دل عليه أصل في الدين يحسنه أو يصححه» ا. هـ.

ونسأله: لِمَ ردّ النبي - صلى الله عليه وآله وسلم - قول الثلاثة الذين قال أحدهم: «أما أنا فأنا أصلى الليل أبداً»، وقال آخر: «أنا أصوم الدهر ولا أفطر» وقال آخر: «أنا أعتزل النساء فلا أتزوج أبداً»، وقال لهم: «من رغب عن سنتي فليس مني» (٣) مع أن لفعلهم هذا أصلاً في الشرع من الصلاة والصيام؟


(١) رواه الإمام البخاري (٣٣٣٥).
(٢) الاعتصام (١/ ١٧٩ - ١٨١) بتصرف.
(٣) رواه الإمام البخاري (٥٠٦٣).

<<  <   >  >>