للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

ت. وذهب بعض فقهاء الحنابلة إلى القول بالجواز المطلق (١)،حيث رُوي عن الرسول - صلى الله عليه وسلم - أنه قال:" إن موسى آجر نفسه ثمان سنين أو عشر سنين على عفة فرجه وطعام بطنه" (٢) ومما يظهر لنا أن الحنابلة كان لهم ثلاثة أقوال في المسألة، وقد ذكر صاحب المغني أن إجماع الصحابة على هذا الأمر هو أحد أدلتهم على قولهم بالجواز المطلق. (٣)

والراجح- والله تعالى أعلم- هو الجواز، حيث جاء في المغني:" وكأن الكسوة عرفاً وهي كسوة الزوجات، وللإطعام عرفاً، وهو الإطعام في الكفارات فجاز إطلاقه" (٤) وقد تعارف الناس اليوم على أن يُقدّم المستأجر وجبات غذائية للأجير كالتي تُقدّم لأمثاله وتكفيه، أما الكسوة فقد تقدّم قول صاحب المغني بأنها للمرضعات، ويُمكن أن يُقاس عليها تلك العاملات في البيوت، وبالنسبة لكسوة الرجال من العاملين فيرى الباحث أن هذا راجع لعرف أهل المهنة، ويختلف ذلك باختلاف طبيعة العمل الذي يقوم به الأجير، فهناك من الأعمال التي تتسبب في تقطيع الملابس، ويمكن تقدير ذلك بكسوتين، واحدة في للصيف وأخرى في الشتاء.

٤. الأجرة بالمنفعة: و هذا كأن يتفق رجلان على أن يُصلح أحدهما سيارة الأخر مقابل أن يحصل على أجرة هي منفعة، كأن يتعلم منه حرفة معينة في وقت معيّن.

٥. أجرة بالحصة، ولا تختص بعقد الإجارة وحدها، بل لها صلة ببعض العقود الأخرى، كالمزارعة، وعقد المضاربة، بحيث تكون أجرة العامل حصة محددة من الإنتاج، ويتم تحديدها عند العقد.

٦. أجرة المثل، وتكون حينما يترك العاقدان العقد دون تحديد مقدار الأجرة، ويتركانها للعرف، على أن لا يتفقا على شيء لم يقرّه الشارع الحكيم، فقد نصّ ابن تيمية -رحمه الله تعالى- على أن مردّ الأجور إلى العرف فقال:" والمرجع في الأجور إلى العرف، وكذلك في البيع" (٥)، وهذا عند ترك بيانها، ولأهمية نظام الأجور في أية مؤسسة فقد وضع علماء الإدارة العصرية مجموعة من الخصائص التي ينبغي أن يتمتع بها هذا النظام منها:

١. العدالة: حيث إنها شرط مهم لأي نظام سليم ومتوازن للأجور، وهي قسمان:


(١) المرداوي، الإنصاف في معرفة الراجح من الخلاف على مذهب الإمام أحمد بن حنبل، ج٦، ص١٢.
(٢) رواه ابن ماجه في سننه، كتاب الرهون، باب إجارة الأجير على طعامه وبطنه، ص ٤١٧، برقم (٢٤٤٤) وحكم عليه الإمام الألباني بأنه حديث ضعيف جداً.
(٣) ابن قدامة، المغني، ج٦، ص ٦٩.
(٤) المصدر نفسه، ج٦، ص٦٩.
(٥) ابن تيمية، أحمد، نظرية العقد، ص١٦٤، بدون رقم طبعة، دار المعرفة، بيروت، لبنان.