للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

والشافعية (١) والحنابلة (٢) في قول لهم على أن الحضانة حق للحاضن (الأم)، واستدلوا على ذلك بقول الله - سبحانه وتعالى -: {فَإِنْ أَرْضَعْنَ لَكُمْ فَآتُوهُنَّ أُجُورَهُنَّ وَأْتَمِرُوا بَيْنَكُم بِمَعْرُوفٍ وَإِن تَعَاسَرْتُمْ فَسَتُرْضِعُ لَهُ أُخْرَى} (٣)

وموضع الاستدلال في هذه الآية أن هناك إشارة إلى جواز أن ترضع المولود بعد المعاسرة امرأة أخرى، وأن والدته لا تُجبر على إرضاعه، كما استدلوا بما ورد عن الرسول - صلى الله عليه وسلم - أن امرأة قالت:" يا رسول الله إن ابني هذا كان بطني له وعاء، وثدي له سقاء، وحجري له حواء، وإن أباه طلقني فأراد أن ينتزعه مني"، فقال الرسول - صلى الله عليه وسلم -: "أنتِ أحق به ما لم تنكحي (٤) "، أما الحنفية (٥) في المعتمد عندهم فقد ذهبوا إلى أن الحضانة حق للولد على أمه وتُجبر عليه إذا لم يوجد من تحضنه، أو وجد من يحضنه لكنه امتنع من قبول غير أمه، وأما إذا لم تتعين الأم حاضنة فالحضانة حق للمحضون فتُجبر عليها، ودليهم في هذا القول قول الله - سبحانه وتعالى -: {وَالْوَالِدَاتُ يُرْضِعْنَ أَوْلاَدَهُنَّ حَوْلَيْنِ كَامِلَيْنِ لِمَنْ أَرَادَ أَن يُتِمَّ الرَّضَاعَةَ} (٦)، والأمر للوجوب، بمعنى أن الأم تُجبر على إرضاع ولدها، وفي هذا دلالة على أنها تُجبر على حضانته (٧)، وقال المالكية أن الحضانة تتعين على الأب، لذا فهي حق للولد عليه، وهي حق له على أمه في حال تعينها عليها وذلك في حولي الرضاعة إذا لم يكن للمحضون أب ولا مال يُستأجر له منه حاضنة، أما إذا لم تتعين فالحضانة حق للمحضون (٨)،

وقد استدلوا على قولهم بأن الحاضن إذا


(١) النووي، روضة الطالبين الطالبين، ج٦، ص ٥٠٤.الشربيني، مغني المحتاج، ج٥، ص١٩٤.
(٢) ابن مفلح، الفروع، ج٥،ص ٦١٣. المرداوي، الإنصاف في معرفة الراجح من الخلاف على مذهب الإمام أحمد بن حنبل، ج٦، ص١٣.
(٣) سورة الطلاق، آية رقم ٦ ..
(٤) أخرجه أحمد في مسنده، ج١١، ص٣١٠، برقم (٦٧٠٧) وحكم عليه شعيب الأناؤوط بأنه حديث حسن، ورواه أبو داود في سننه، كتاب الطلاق، باب من أحق بالولد، برقم (٢٢٧٦) وقال عنه: حسن.
(٥) ابن نجيم، البحر الرائق شرح كنز الدقائق، ج٤، ص١٨٠. ابن عابدين، حاشية ردّ المحتار على الدر المختار، ج٥، ص٥٦٠.
(٦) سورة البقرة، آية رقم ٢٣٣.
(٧) ابن الهمام، فتح القدير، ج٣، ص٣١٤.
(٨) التسولي، البهجة شرح التحفة، تحقيق محمد عبد القادر شاهين، ج٣، ص٦٤٥، ط ١، دار الكتب العلمية، بيروت، لبنان .. العبدري، محمد بن يوسف، التاج والإكليل لمختصر خليل، ج٥، ص٥٩٥، بدون رقم طبعة، دار الكتب العلمية، بيروت، لبنان. ابن رشد، محمد بن أحمد، مقدمات ابن رشد، ج٢، ص ٣٧٦، بدون رقم طبعة، مطبعة السعادة، مصر.