للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

والبصر والنطق والصوت والذوق وقوة الجماع" (١)، والحديث يتركز على فوات المنفعة كلها، وهذا فيه الدية كاملة، أما إذا فات بعض المعنى وجب فيه بعض الدية بنسبة ما فات، وإن كان هناك اختلاف في تقديره ما بين سهل في التقدير كذهاب الإبصار من عين واحدة، أو السمع من أذن واحدة فهذا لا يحتاج إلى جهد كبير في تقديره لأن النسبة المئوية الذاهبة معروفة ٥٠% فتقابلها نصف الدية ٥٠% من الدية.

وما يصعب تقديره من فوات المنفعة (٢) وهنا تبرز حاجة التقرير الطبي الذي تقدمه اللجنة الطبية الموثوقة لتقدير نسبة العجز عند المصاب، وقد نص قانون العمل الفلسطيني في المادة رقم (١٢٠) في الفقرة الثانية على أنه:" إذا ترتب على إصابة العمل عجز جزئي دائم يستحق المصاب تعويضاً نقدياً يعادل نسبة العجز إلى العجز الكلي الدائم" (٣)، ولكن القانون لم يوضح المقصود بالعجز الكلي، بل ترك بيان ذلك لشرّاح القانون، فمنهم من قال بأنه:" فقدان مقدرة العامل عن العمل سواء كان هذا العمل يُستخدم فيه، أو الأعمال التي كان قادراً على القيام بها، أم أي عمل آخر" (٤)، وهذا ليس بالأمر الحادث، بل سبقت إليه الشريعة الإسلامية قبل أكثر من أربعة عشر قرناً من الزمن، ذلك أن علياً - رضي الله عنه - أمر الذي أصيب بصره بأن عُصبت عينه الصحيحة وأعطى رجلاً بيضة، فانطلق بها وهو ينظر إليها حتى لم يبصرها فخطّ عند أول ذلك خطاً في الأرض، ثم أمر بعينه المصابة فعُصبت وفُتحت الصحيحة، وأعطى رجلاً البيضة بعينها، فانطلق بها، وهو ينظر إليها حتى خفيت عنه، فخطّ عند أول ما خفيت عنه خطاً، ثم علم ما بين الخطين من المسافة، وعلم مقدار ذلك من منتهى رؤية العين الصحيحة فأعطاه قدر ذلك من الدية (٥)، وبقدر ما فات من الكلام بعدد الحروف التي ذهبت، حيث تقسم الدية على الحروف التي للسان فيها عمل.

أما نسبة تعويض العامل عن إصابته التي الحقت به عجزاً كاملاً وبتقرير من لجنة طبية مختصة، فقد أوجد القانون للعامل خيارين يختار أيهما شاء، فنصت المادة رقم (١٢٠) في الفقرة الأولى منه على أنه:" إذا أدت إصابة العمل إلى الوفاة أو نتج عنها عجز كلي دائم استحق الورثة في الحالة الأولى والمصاب في الحالة الثانية تعويضاً نقدياً يُعادل اجر (٣٥٠٠) ثلاثة آلاف وخمس مائة يوم عمل أو ٨٠% من الأجر الأساسي عن المدة المتبقية حتى بلوغه سن الستين أيهما


(١) الخرشي على مختصر سيدي خليل، ج٨، ص٣٥.
(٢) بوساق، التعويض عن الضرر في الفقه الإسلامي، ص ٣٤٤.
(٣) وزارة العمل، قانون العمل الفلسطيني، ص٤٨.
(٤) شكري، إصابات العمال وأمراض المهنة دراسة تحليلية فقهية قضائية تحليلية ناقدة، ص ٧١.
(٥) ابن رشد، بداية المجتهد ونهاية المقتصد، ج٢، ص٤٤٨. الصنعاني، المصنف، ج٩، ص ٣٢٧.