للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

٥. احتجوا بقوله - سبحانه وتعالى - في قصة موسى عليه السلام: {فَانطَلَقَا حَتَّى إِذَا أَتَيَا أَهْلَ قَرْيَةٍ اسْتَطْعَمَا أَهْلَهَا فَأَبَوْا أَن يُضَيِّفُوهُمَا فَوَجَدَا فِيهَا جِدَاراً يُرِيدُ أَنْ يَنقَضَّ فَأَقَامَهُ قَالَ لَوْ شِئْتَ لَاتَّخَذْتَ عَلَيْهِ أَجْراً} (١) وقد دلت الآية على جواز أخذ الأجر على العمل، كما دلّت على جواز الإجارة واستباحة الأجرة. (٢)

٦. استدلوا بقوله - سبحانه وتعالى -: {لَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ أَن تَبْتَغُواْ فَضْلاً مِّن رَّبِّكُمْ فَإِذَا أَفَضْتُم مِّنْ عَرَفَاتٍ فَاذْكُرُواْ اللّهَ عِندَ الْمَشْعَرِ الْحَرَامِ وَاذْكُرُوهُ كَمَا هَدَاكُمْ وَإِن كُنتُم مِّن قَبْلِهِ لَمِنَ الضَّآلِّينَ} (٣) حيث نزلت في قوم كانوا يؤجرون- يكرون- أنفسهم في موسم الحج، وأن أناساً آخرين كانوا يزعمون أنهم ليسوا حجاجاً، فنزلت لتدلّ على أن ابتغاء الرزق عن طريق الإجارة لا يمنع كونهم حجاجاً. (٤)

ثانياً: من السنة النبوية: أفرد صاحب أصحّ مؤلفات الحديث كتاباً في صحيحه سمّاه (كتاب الإجارة) ضمّ اثنين وعشرين باباً، ضمّت ثلاثين حديثاً مرفوعاً (٥)، المعلّق (٦) منها خمسة، والبقية موصولة (٧)، ووافقه الإمام مسلم (٨) على تخريجها، سوى حديث أبي هريرة (٩) - رضي الله عنهم - في رعي الغنم، ثم حديث " المسلمون عند


(١) سورة الكهف، آية رقم ٧٧.
(٢) الماوردي، علي بن محمد بن حبيب، الحاوي الكبير، تحقيق محمود مسطرجي، ج ٩، ص٢٥٧، طبعة سنة ١٩٩٤م، دار الفكر، بيروت.
(٣) سورة البقرة، آية رقم ١٩٨.
(٤) ابن كثير، اسماعيل، تفسير القرآن العظيم، تحقيق عبد الرزاق المهدي، ج١، ص٤٨٦ طبعة عام ٢٠٠٥م، دار الكتاب العربي، بيروت، لبنان.
(٥) الحديث المرفوع: " هو ما أخبر به الصحابي عن فعل الرسول - صلى الله عليه وسلم - أو قوله" السيوطي، عبد الرحمن، تدريب الراوي في شرح تقريب النواوي، تحقيق الشيخ عرفات العشّا حسونة، ص١١٦، بدون رقم طبعة، دار الفكر، بيروت، لبنان.
(٦) الحديث المعلّق: "وهو ما حذف من مبتدأ إسناده واحد فأكثر على التوالي" أبو حلبية، أحمد يوسف، المنهاج الحديث في بيان علوم الحديث، ص٦٣، ط٣، ١٩٩٥م، مطبعة الرنتيسي، غزة، فلسطين.
(٧) الحديث الموصول: "هو الذي اتصل إسناده، فكان كل واحد من رواته قد سمعه ممن فوقه حتى ينتهي إلى منتهاه" ابن الصلاح، عثمان بن عبد الرحمن الشهرزوري، مقدمة ابن الصلاح في علوم الحديث، تحقيق سعد كريم الدرعمي، ص٣٤، بدون رقم طبعة، دارابن خلدون، الإسكندرية، مصر.
(٨) مسلم بن الحجاج، ولد سنة ٢٠٤هـ، قال عن صحيحه:"ما وضعت في هذا المسند شيئاً إلا بحجة، ولا أسقطت شيئاً منه إلا بحجة"، توفي سنة ٢٦١هـ. الذهبي، سير أعلام النبلاء، ج١٢، ص ٥٦٥.
(٩) عبد الرحمن بن صخر، أمّه ميمونة بنت صبيح، أسلم سنة ٧هـ، مسنده ٦٣٧٤ حديثاً، المتفق عليه بين البخاري ومسلم ثلاثمائة وستة وعشرون، وانفرد البخاري بثلاثة وسبعين حديثاً، ومسلم بثمانية وتسعين، مات سنة ٥٩ هـ، الزركلي، الأعلام، ج ٢، ص ٥٧٨.