للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

نزولها أن بعض الصحابة سألوا أحبار اليهود عن بعض ما جاء في التوراة فكتموهم إياه ورفضوا إخبارهم. (١)

والحديث عن أسرار العمل وضرورة الحفاظ عليها يستلزم منا الحديث عن منافسة العامل لصاحب العمل باستغلال هذه الأسرار، فإذا كان صاحب العمل يخشى منافسة العامل له فمن حقه أن يورد في عقد العمل شرطاً يمنع به العامل من منافسته، وهو ما يُعدُّ قيداً على حرية العمل، وقد وضع شرّاح القانون شروطاً لصحة هذا القيد هي على النحو الآتي:

الشرط الأول: وجود مصلحة مشروعة لرب العمل من اشتراط عدم المنافسة، وتتحقق المصلحة إذا كان العمل الموكول للعامل يُتيح له الإطلاع على أسرار رب العمل، وترتيباً على ذلك إذا كان العامل يعمل في أعمالٍ لا تمكنه من الإطلاع على أسرار العمل أو الاتصال بعملاء صاحب العمل، فإنه بذلك يكون بمنزلة الأجنبي من حيث منافسة رب العمل، وذلك كأن يكون العامل يعمل في قسم النظافة داخل المنشأة أو في قسم الاستقبال، ففي مثل هذه الحالات لا يجوز لصاحب العمل أن يشترط عليه عدم المنافسة.

الشرط الثاني: أن يقتصر شرط المنع من حيث الزمان والمكان ونوع العمل على القدر الضروري لحماية مصالح رب العمل المشروعة، وهو ما يتطلب توافر ثلاثة أمور في هذا الشرط هي:

١. المنع الزماني: كأن يكون المنع محدداً بزمن معيّن، ويتمثل ذلك باشتراط صاحب العمل على عامله عدم المنافسة طيلة عمله لديه فقط، أو بعد انتهاء العقد بينهما بمدة معيّنة، أما إذا كان المنع أبداً فإن ذلك يُعتبر تعسفاً.

٢. المنع المكاني: بحيث يكون شرط المنع شاملاً لمنطقة جغرافية محدودة، وقد تكون المنطقة هي نفس المنطقة التي يمتد فيها نشاط صاحب العمل التجاري، وبالتالي إذا كان المنع مطلقاً كان ذلك تعسفاً أيضا.

٣. المنع من حيث نوعية العمل: ويجوز أن يكون شرط المنع - من حيث هذا القيد- مقتصراً على الأعمال التي يقوم بها العامل عند صاحب العمل.

الشرط الثالث: أن لا يقترن الاتفاق بشرط جزائي مبالغ فيه، وعلة منع الاقتران حتى لا يبقى العامل مجبراً على البقاء في خدمة صاحب العمل. (٢)


(١) السيوطي، جلال الدين، لُباب النقول في أسباب النزول، تحقيق محمد محمد تامر، ص٣٤، ط١، دار العنان، القاهر، مصر.
(٢) مشاقي، شرح أحكام قانون العمل الفلسطيني، ص ٢١. أبو شنب، شرح قانون العمل الجديد، ص١٥٨.