للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

ويندرج تحت هذا الطلب التعامل مع العمّال بوجه طلق، لأن الابتسامة لا تكلّف الإنسان شيئاً، وفي نفس الوقت تُعطي التشجيع للعامل وترفع من معنوياته، وتزيده إقداماً نحو العمل والإنتاج، ناهيك عن أن التبسم في وجوه الناس يحصل صاحبها على الأجر من الله - سبحانه وتعالى - كلما ابتسم، لقول الرسول - صلى الله عليه وسلم -:" تبسمك في وجه أخيك صدقة" (١) كما أن الابتسامة تولّد جواً من الراحة النفسية في البيت والعمل والشارع، وتحلُّ كثيراً من مشاكل الناس، وتزيد الألفة والمحبة بين الناس، لذا كان الرسول - صلى الله عليه وسلم - من أكثر الناس تبسماً لكل من يقابله في حياته، فأحد الصحابة يصف ملاقاة الرسول - صلى الله عليه وسلم - له فيقول:" ما رأيت أحداً أكثر تبسماً من رسول الله - صلى الله عليه وسلم - " (٢) وهذا يدلّ على أنّ الابتسامة ما كانت لتفارق شفتيه الطاهرتين، ومن دون تكلّف ومشقة، فيروي صحابي جليل فيقول:" ما حجبني النبي - صلى الله عليه وسلم - منذ أسلمت، ولا رآني إلا تبسّم في وجهي" (٣).

ولا يجوز أن يتعمد صاحب العمل أن يظهر بمنظر العابس بحجة الجدية في العمل، وحث العمّال على العمل، وليجعل الجميع يخافون من قدومه، ناسياً أنّ الدين الحنيف قد أمر بالرأفة والشفقة بالحيوان، فكيف هي بالإنسان؟ حيث قال الرسول - صلى الله عليه وسلم -:" دخلت امرأة النار في هرّة ربطتها، فلم تطعمها، ولم تدعها تأكل من خشاش الأرض" (٤) ومرّ الرسول - صلى الله عليه وسلم - على حمار قد وُسِم في وجهه، فقال:" لعن الله الذي وسمه" (٥)، ولم يأت قانون العمل الفلسطيني على ذكر الرحمة والشفقة بالعامل، وكأنه ترك العلاقة جامدة، بعيدة عن الإنسانية.

والحديث عن الشفقة والرحمة يستلزم الحديث عن تشغيل الأطفال، حيث ما زالت هذه الظاهرة تثير كثيراً من القلاقل لدى الناشطين الحقوقيين، نظراً لما تخلفه من آثار سلبية على المجتمع عامة، وعلى الأطفال وأسرهم خاصة- حسب وجهة نظرهم- هذا مع اختلاف قوانين العمل في تحديد سنّ الطفل الذي يُسمح له بالعمل، حيث نصّ قانون العمل الفلسطيني في المادة رقم (٩٣) على أنه"


(١) رواه الترمذي في سننه، ص٤٤٥،كتاب البر والصلة، باب ما جاء في صنائع المعروف، برقم (١٩٥٦)، وقال عنه: صحيح.
(٢) رواه الترمذي في سننه، ص ٨٢٨، كتاب المناقب عن رسول الله، باب بشاشة النبي، برقم (٣٦٤١)، وقال عنه: صحيح.
(٣) رواه البخاري في صحيحه، ص١٥٤٢،كتاب الأدب، باب التبسّم والضحك، رقم (٦٠٨٩).
(٤) رواه البخاري في صحيحه، كتاب بدء الخلق، باب خمسٌ من الدواب فواسق يُقتلن في الحرم، ص ٨٠٩، برقم (٣٣١٨).
(٥) رواه مسلم في صحيحه، كتاب اللباس والزينة، باب النهي عن ضرب الحيوان في وجهه ووسمه فيه، ص ٩١٣، برقم (٢١١٦).