للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

ج: أما جمعه في عهد أبي بكر الصديق فكان عبارة عن نقل القرآن جميعه من العسيب واللخاف والرقاع والعظام وكتابته في مكان واحد، وهي الصحف مرتبة الآيات والسور مقتصرة فيه على ما ثبتت قرآنيته بالتواتر.

س: ما هو الغرض من هذا الجمع في عهد أبي بكر الصديق؟ ولماذا؟

ج: كان الغرض من هذا الجمع الاحتياط والمبالغة في حفظ هذا الكتاب خوفا عليه أو على شيء منه من الضياع بسبب موت كثير من حملته وحفّاظه الكبار الذين قتل منهم عدد يزيد على (٧٠) سبعين في معركة اليمامة. وقد روى البخاري في صحيحه عن زيد بن ثابت رضي الله عنه أنه قال: أرسل إليّ أبو بكر رضي الله عنه مقتل أهل اليمامة (أي عقب استشهاد كبار الحفاظ) فإذا عمر جالس عنده، فقال أبو بكر: إن عمر جاءني فقال: (إن القتل قد استحرّ- أي كثر واشتد- يوم اليمامة بقراء القرآن وإني أخشى أن يستحر القتل بالقراء في كل المواطن، فيذهب من القرآن كثير، وإني أرى أن تأمر بجمع القرآن، فقلت: وكيف أفعل ما لم يفعله رسول الله صلّى الله عليه وسلم، فقال عمر- رضي الله عنه-: هو والله خير، فلم يزل يراجعني في ذلك حتى شرح الله صدري للذي شرح الله له صدر عمر، ورأيت في ذلك الذي رأى.

قال زيد بن ثابت: فقال أبو بكر: إنك شاب عاقل لا نتهمك. وقد كنت تكتب الوحي لرسول الله صلّى الله عليه وسلم فتتبع القرآن واجمعه. قال زيد: فو الله لو كلفوني نقل جبل من الجبال ما كان أثقل عليّ مما أمرني به من جمع القرآن. قلت: كيف تفعلان شيئا لم يفعله رسول الله صلّى الله عليه وسلم قال: (أي أبو بكر) هو والله خير، فلم يزل أبو بكر يراجعني حتى شرح الله صدري للذي شرح الله له صدر أبي بكر وعمر. فتتبعت القرآن أجمعه من العسيب واللخاف وصدور الرجال. ووجدت آخر سورة التوبة مع أبي خزيمة الأنصاري لم أجدها مع غيره لَقَدْ جاءَكُمْ رَسُولٌ مِنْ أَنْفُسِكُمْ (١) إلخ.

أي حتى خاتمة سورة براءة. فكانت هذه هي الصحف الأولى للقرآن الكريم التي كانت عند أبي بكر حتى توفاه الله تعالى، ثم عند عمر حياته، ثم عند حفصة بنت


(١) سورة التوبة آية ١٢٨ و١٢٩.

<<  <   >  >>