للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

[نشأة علم التفسير]

س: كيف نشأ علم التفسير؟

ج: لقد أنزل القرآن الكريم عربيا، على رسول عربي، بلسان عربي مبين، فكان الرسول صلّى الله عليه وسلم يفهم القرآن جملة وتفصيلا، وقد تكفل الله تبارك وتعالى ببيان القرآن وحفظه لرسوله صلّى الله عليه وسلم فقال جل ذكره: إِنَّ عَلَيْنا جَمْعَهُ وَقُرْآنَهُ* فَإِذا قَرَأْناهُ فَاتَّبِعْ قُرْآنَهُ* ثُمَّ إِنَّ عَلَيْنا بَيانَهُ (١) وكان على النبي صلّى الله عليه وسلم أن يبيّنه لأصحابه، كما جاء في القرآن الكريم: وَأَنْزَلْنا إِلَيْكَ الذِّكْرَ لِتُبَيِّنَ لِلنَّاسِ ما نُزِّلَ إِلَيْهِمْ وَلَعَلَّهُمْ يَتَفَكَّرُونَ (٢) وكان الصحابة رضوان الله تعالى عليهم يفهمون القرآن لأنه نزل بلغتهم، وإن كان بعضهم لا يفهم بعض دقائقه. ويقول ابن خلدون في مقدمته (إن القرآن نزل بلغة العرب فكانوا كلهم يفهمونه. ويعلمون معانيه ومفرداته وتراكيبه، ولكنهم مع هذا كانوا يتفاوتون في الفهم للقرآن الكريم، فقد يغيب عن الواحد منهم ما لا يغيب عن الآخر) ولقد كان النبي صلّى الله عليه وسلم يبيّن لهم بعض المعاني القرآنية بقوله أو فعله. أي بسنته الجامعة وكان الصحابة رضي الله عنهم جميعا يعتمدون في تفسيرهم للقرآن في عصر الإسلام الأول على الآتي:-

أولا: تفسير القرآن بالقرآن، وكان هذا هو المصدر الأول لهم، فما جاء منه مجملا في موضع جاء مبيّنا في موضع آخر، وما جاء منه عاما مطلقا، جاء مقيدا مخصصا في موضع آخر من القرآن. وهذا الذي يسمّى (تفسير القرآن بالقرآن).

ثانيا: تفسير القرآن بالسنة: فكان المصدر الثاني لهم هو المصطفى صلّى الله عليه وسلم، فهو المبيّن للقرآن والموضح له بسنته الجامعة من قول أو فعل أو إقرار، وكان الصحابة رضوان الله عليهم يرجعون إليه إذا أشكل عليهم فهم آية من الآيات. عن ابن مسعود رضي الله عنه قال: لما نزلت هذه الآية: الَّذِينَ آمَنُوا وَلَمْ يَلْبِسُوا إِيمانَهُمْ بِظُلْمٍ (٣) شق على


(١) سورة القيامة آية رقم ١٧ - ١٩.
(٢) سورة النحل آية رقم ٤٤.
(٣) سورة الأنعام آية رقم ٨٢.

<<  <   >  >>