للّغة العربية في ريعان شبابها وعنفوان قوتها أن يبارى بها القرآن الكريم المنزل من عند الله رب العالمين، ولقد اختلفت الآراء في إعجاز القرآن الكريم. فمنهم من قال (إن إعجاز القرآن كان بالصرفة) أي أن الله تعالى صرف العرب عن معارضته مع قدرتهم عليها، وكان هذا رأي أبي إسحاق إبراهيم النظّام، والمرتضى من الشيعة وهو قول يدل على عجز ذويه. فلا يقال فيمن سلب القدرة على شيء: إن الشيء أعجزه ما دام في مقدوره أن يأتي به في أي وقت شاء. وإنما المعجز حقا هو قدرة الله تعالى المنزل لهذا الكتاب بلغتهم وبحروف اللغة العربية التي يجيدونها ويتبارون في صناعتها ويتسابقون في بلاغتها دون أن يصرفهم عن الإتيان بمثله لو استطاعوا. ومن العلماء أيضا من ذهب إلى أن القرآن معجز ببلاغته التي وصلت إلى مرتبة لم يعهد لها مثيل من قبل. وهذا رأي أهل اللغة العربية الذين يولعون بصور المعاني الحية في التركيب المحكم والبيان البديع ... وذهب بعض العلماء يقول: إن وجه إعجاز القرآن في أنه يتضمن البديع المخالف لما عرف في كلام العرب من فواصل ومقاطع وسجع ونظم مرتّب ... وآخرون يقولون بل إعجازه في الإخبار عن المغيبات المستقبلة التي لا تعرف إلا عن طريق الوحي. أو الإخبار عن أمور تقدمت منذ بدء الخليقة بما لا يمكن صدوره من أمّيّ لم يعرف القراءة والكتابة. وجماعة منهم يقولون (إن القرآن معجز لما تضمنه من العلوم والمعارف المختلفة والحكم البليغة) وهناك وجوه كثيرة للإعجاز القرآني يعجز عن سردها هذا المختصر.
والحقيقة أن القرآن الكريم معجز بكل ما تحمله هذه الكلمة من معان- فهو معجز في أسلوبه وألفاظه، ومعجز في بيانه ونظمه، ومعجز بعلومه ومعارفه، ومعجز بما يبلغ عنه من أمور غيبية سابقة أو لاحقة. كما أنه معجز في تشريعه الحكيم ووضع الضوابط لصيانة حقوق الإنسان في كل زمان ومكان. والقرآن أولا وآخرا هو الذي صيّر العرب الرعاة شعوبا وقادة أمم وهذا وحده إعجاز ...
[شروط المعجزة]
س: هل للمعجزة شروط؟
ج: نعم؛ للمعجزة شروط خمسة نبه إليها العلماء، فإن اختل شرط واحد منها لا