ج: المراد من مشكل القرآن: هو ما يوهم التعارض والاختلاف والتناقض بين بعض الآيات.
وكلام الله تعالى وقرآنه العظيم منزه عن ذلك. كما قال الله تعالى: وَلَوْ كانَ مِنْ عِنْدِ غَيْرِ اللَّهِ لَوَجَدُوا فِيهِ اخْتِلافاً كَثِيراً ولكن ربما يقع للمبتدئ ما يوهم اختلافا، والحقيقة أنه ليس اختلافا، وقد تكلم في هذا كثير من أهل العلم والمعرفة لإزالة ما وقع فيه اشتباه في اللفظ، ولكن لكل لفظ سببه ولكل لفظ ما معناه.
وجريا على عادتنا في تلخيص واختصار الموضوع نورد صورا من أسباب الاختلاف حتى يتضح السبب فتزول الشبه ويذهب العجب، وفي أسباب الاختلاف قال الإمام الزركشي في البرهان:
للاختلاف أسباب نختصرها فيما يأتي:
أولها: وقوع المخبر به على أحوال مختلفة وتطويرات شتى: مثال ذلك في قول الله تعالى في خلق آدم حيث قال: آدَمَ خَلَقَهُ مِنْ تُرابٍ ثم قال في موضع آخر: مِنْ حَمَإٍ مَسْنُونٍ وفي موضع آخر قال: مِنْ طِينٍ لازِبٍ وفي آخر قال تعالى: مِنْ صَلْصالٍ كَالْفَخَّارِ فهذه الألفاظ المختلفة ومعانيها في أحوال مختلفة لأن الصلصال غير الحمأ، والحمأ غير التراب، إلا أن مرجعها جميعا إلى جوهر واحد وهو التراب، ومن التراب درجت كل هذه الأحوال وهذه الأطوار، وليس هناك اختلاف في الحقيقة.
ثانيها: اختلاف الموضع: ومثال ذلك في قوله تعالى: وَقِفُوهُمْ إِنَّهُمْ مَسْؤُلُونَ وكقوله تعالى: فَلَنَسْئَلَنَّ الَّذِينَ أُرْسِلَ إِلَيْهِمْ وَلَنَسْئَلَنَّ الْمُرْسَلِينَ مع قول الله تعالى: فَيَوْمَئِذٍ لا يُسْئَلُ عَنْ ذَنْبِهِ إِنْسٌ وَلا جَانٌّ قال الحليمي: (تحمل الآية الأولى على السؤال عن التوحيد وتصديق الرسل. وأما الثانية فتحمل على ما يستلزمه الإقرار بالنبوات من شرائع الدين وفروعه، وغيره حمله على اختلاف الأماكن لأن في القيامة مواقف كثيرة.