[ما تأخر حكمه عن نزوله من القرآن الكريم وما تأخر نزوله عن حكمه منه]
س: هل تأخر شيء من حكم القرآن عن نزوله؟ وهل تأخر نزول شيء منه عن حكمه؟
ج: نعم؛ قد ورد هذا في بعض آيات وسور القرآن الكريم. وسنعرض لذلك نماذج منه.
أولا: ما سبق نزوله على حكمه.
قال الزركشي في البرهان: إن قوله تعالى: قَدْ أَفْلَحَ مَنْ تَزَكَّى* وَذَكَرَ اسْمَ رَبِّهِ فَصَلَّى قد يكون نزولها سابقا على حكمها. فقد روى البيهقي وغيره عن ابن عمر رضي الله عنهما. أنها نزلت في زكاة الفطر، ولم تكن زكاة الفطر قد فرضت بعد.
وقال بعضهم لا أدري ما وجه هذا التأويل. حيث أن هذه السورة مكية ولم يكن بمكة عيد ولا زكاة ولا صوم.
وأجاب البغوي بأنه يجوز النزول سابقا على الحكم. كما قال لا أُقْسِمُ بِهذَا الْبَلَدِ وَأَنْتَ حِلٌّ بِهذَا الْبَلَدِ فالسورة مكية. ولكن ظهر أثر هذا الحل يوم فتح مكة حتى قال عليه الصلاة والسلام:«أحلّت لي مكة ساعة من نهار» الحديث.
ومما جاء أيضا في النزول السابق للحكم قوله تعالى: سَيُهْزَمُ الْجَمْعُ وَيُوَلُّونَ الدُّبُرَ نزلت بمكة. وقال عمر بن الخطاب رضي الله عنه عند ما نزلت (أيّ جمع؟) فلما كان يوم بدر وانهزمت قريش. نظرت إلى رسول الله صلّى الله عليه وسلم في آثارهم معلنا بالسيف يقول: سَيُهْزَمُ الْجَمْعُ وَيُوَلُّونَ الدُّبُرَ فكانت ليوم بدر .. أخرجه الطبراني في الأوسط.
والأمثلة على هذا كثير لا يسع هذا المختصر لسردها. فانظر إن شئت الإتقان للسيوطي ص ١٠٤ - ١٠٥.