للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

انظر إلى هذا الأدب الذى تأدبه أصحاب رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فهو يختار الوقت الذى يجد فيه الصحابى ولا يوقظه حتى لا يزعجه ويربى نفسه على مشقة الدعوة والتواضع فى طلب العلم (١).

وعن أبى وائل شقيق بن سلمة قال: كان ابن مسعود - رضي الله عنه - يذكرنا فى كل خميس مرة فقال له رجل: يا أبا عبد الرحمن لوددت أنك ذكرتنا كل يوم .. فقال: أما أنه يمنعنى من ذلك أنى أكره أن أملكم وأن أتخولكم بالموعظة كما كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يتخولنا بها مخافة السآمة علينا (٢).

وذكر البيهقى وغيره .. من علامات السآمة، عن بن مسعود - رضي الله عنه - قال: حدث الناس ما أقبلت عليك قلوبهم فإذا حدقوك بأبصارهم وإذا انصرفت عنك قلوبهم فلا تحدثهم، وذلك إذا اتكأ بعضهم على بعض.

وأخرج أبو نعيم عن ابن مسعود - رضي الله عنه - قال: إن للقلوب شهوة وإقبالا، وإن للقلوب فترة وإدبارا، فاغتنموها عند شهواتها وإقبالها، ودعوها عند فترتها وإدبارها (٣).

فالقلوب متقلبة .. لها إقبال ولها إدبار .. ومن حكمة الداعي اغتنام فرصة إقبال القلوب واشتياقها إلى الموعظة.


(١) قد أورد الأئمة حديث " بلغوا عنى " فى باب العلم، إذن فمقتضى العلم التبليغ.
(٢) رياض الصالحين - باب الوعظ والاقتصاد فيه.
(٣) حياة الصحابة – باب مواعظ عبد الله بن مسعود – ٣/ ٥١٢.

<<  <   >  >>