ثم رأى أن الذين يتلقون العلم فى المدارس هم عدد قليل جداً يعدون على الأصابع وأن هذا العدد القليل لا يقتنع به فى إصلاح أمة.
[الفرق بين المعلمين والمرسلين]
وأن هذه المدارس إنما تنقل العلم إلى أفراد - والأمة على حالها - ولكن تحتاج إلى مشروع ينقل الأمة فضلاً عن الأفراد إلى الدين والعلم، وذلك هو الفرق بين المعلمين والمرسلين، فإن المعلمين إنما ينقلون العلم إلى الأفراد والأنبياء ينقلون الأمم إلى غايات العلم ولبابه، وأن المشاريع التعليمية تقسم العلم بين الأمة قسمة ضيزى، فتجتمع كميات كبيرة من العلم عند أفراد ويبقى سائر الناس كالهمج الرعاء فلو قسم هذا العلم على الأمة لوسعهم، وإنها كالربا يصبح به أفراد من الناس أصحاب ثروات كبيرة وسائر الناس لا يجدون كفافاً.
ثم رأى أن الذين قد خرجوا من سن الدراسة والتعليم وتقدم بهم العمر لا ينتفعون بهذه المدارس ولا يفسح وقتهم للتعلم فيها، فلابد إذاً من دعوة عامة إلى تعليم الدين بطريقة وجيزة سهلة طبيعية لا تشق عليهم ولا تطول وتشمل جميع طبقات الأمة.
ولكن كيف السبيل إلى ذلك وقد استولت الحياة الدنيوية وتكاليفها على ابن القرن العشرين أخذت بمجامع القلوب وأسرت الروح وغلت الأيدى وصفدت الأقدام فأصبح الإنسان فى القرية والمدينة رهين بطنه، أسير شغله