للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

يفكر بكيفية الانتقام من قريش التى أخرجتهم من ديارهم، أو يفكر بالغد القريب الذى يصبحون فيه الحكام المهيمنين عليهم والمتنفذين فيهم؟

معاذ الله .. لم يكن هذا شأن أحدٍ منهم. بل كانوا قد وضعوا همهم كله فى أن يوفقوا إلى أداء حقوق العبودية التى فى أعناقهم لله - عز وجل -، وأن يرحلوا إليه وهو راضٍ عنهم غفار لهم.

فلما صدقوا فيما ألزموا أنفسهم به من حق الله - عز وجل -، وفاهم الله حقهم الذى تكفل لهم به، فأعادهم إلى الأرض التى أخرجوا منها، وأورثهم أرضاً ودياراً أخرى لم يعرفوها ولم يحلموا بها، وجعل منهم قادة العالم، ووراث الحضارة، فكانوا بحق سدى ولحمة المجتمع الإسلامى.

هل كان سعيهم وجهادهم قبل ذلك تخطيطاً لبلوغ حكم، أو إمعاناً فى قهر حاكم، أو مناورة لإنشاء حلف؟ لم يكن هذا شأنهم قط، بل لم يخطر لهم شئ من هذا على بال، بل مما لا شك فيه أنهم لو ولوا وجوههم شطر شئ من هذه المشاغل أو صرفوا أفكارهم إليها، لما حقق الله لهم شيئاً مما قد أكرمهم به، ولما جعل منهم أئمة الأرض ووراث الحكم وقادة العالم. بل لو وكلهم عندئذٍ إلى أفكارهم المخططة، وأحلامهم المهتاجة، ولما جاءت قدراتهم من ذلك كله بشئ.

فذلك ما نقرؤه واضحاً فى كتاب الله - عز وجل -: واجبات كلفنا بها وأناطها بأعناقنا وحقوق تكفل لنا بها، إن نحن أخلصنا القيام بتلك الواجبات.

<<  <   >  >>