هذه هى مأساة العمل الإسلامى الذى تحول إلى جهد خائب وسعى ضائع، وأخفى عن كثير من الأذهان الحقيقة العلوية المشرقة للإسلام، ثم أبرز له صورة زائفة أخرى ما هو منها فى شئ تبعث على الإستيحاش والنفور منه، بل وربما بعثت على الارتياب فى مصدره وحقيقته.
غير أنا لابد أن نستثنى قلة من المسلمين يسلكون سيرة رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وأصحابه فى سكينة وهدوء، يبلغون عن الله كما كانوا يبلغون ويلقون بالدعوة إليه فلول التائهين والشاردين والفاسقين فى حوار لين مشفق كما كانوا يفعلون، وقد تركوا النتائج التى تكفل لهم بها الله لمشيئته وحكمته .. وإنى لأعُدُّ جماعة التبليغ أول السالكين فى هذا الطريق وخير القائمين بهذا الواجب، ولكنهم من القلة بحيث لا يسدُّون مسداً، وربما كانوا بحاجة إلى دعامة من العلم والعلماء يكونون رفداً لهم فى سلوكهم، وسلاحاً إضافياً أمام الشبهات وعكر الفلسفات الجانحة (١).
البعض يقول إن الإسلام سيعود من قبل الحاكمية .. والبعض الآخر يقول سيعود الإسلام عن طريق تصحيح العقيدة والتربية الجماعية .. أيهما أصح .. ؟!
من أين تأتى حاكمية هذا الدين فى الأرض إن لم يوجد دعاة يصححون العقيدة ويؤمنون إيماناً صحيحاً ويُبتلون فى دينهم فيصبرون ويجاهدون فى سبيل الله - سبحانه وتعالى - فيحكم دين الله فى الأرض .. قضية واضحة جداً ما يأتى الحكم من السماء، نعم كل شئ يأتى من السماء .. لكن بجهد من البشر فرضه الله - عز وجل - على البشر.