للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

والشتاء بالصيف حتى يحتاج إمامهم إلى تحديد اغترابهم بأربعة أشهر (١) وهم أينما رحلوا ونزلوا مدارس سيارة ومساجد متنقلة وهكذا نشروا الدين من أقصى الأرض إلى أقصاها ومن شرقها إلى غربها.

هذه مدينة رسول الله - صلى الله عليه وسلم - على ساكنها ألف ألف سلام فى القرن الهجرى الأول، وهكذا كان يجب أن يكون العالم الإسلامى كله – إذا كان عالماً إسلامياً – فكما أن الرسول - صلى الله عليه وسلم - إمام المسلمين بأجمعهم والأسوة العامة لجميع المسلمين فى كل زمان ومكان كذلك مدينته إمام المدن الإسلامية والأسوة العامة فى كل زمان فإن النبى - صلى الله عليه وسلم - قد انتهج منهجاً للحياة وهذه الحياة قد تمثلت فى مدينته فى عهده ويجب أن تتمثل فى جميع البلدان الإسلامية فى كل زمان.


(١) إشارة إلى الخبر الذى أخرجه عبد الرازق فى مصنفه عن ابن جرير قال: أخبرنى من أصدق أن عمر – رضى الله عنه – بينما هو يطوف سمع امرأة تقول: ...
تطاول هذا الليل واسود جانبه فلولا ... حذار الله لاشئ مثله ... وأرقنى أن لا حبيب ألاعبه ... لزعزع من هذا السرير جوانبه

فقال عمر – رضى الله عنه -: مالك .. ؟ قالت: أغربت زوجى منذ أشهر وقد اشتقت إليه. قال: أردت سوء. قالت: معاذ الله! قال: فأملكى عليك نفسك، فإنما هو البريد إليه. فبعث إليه، ثم دخل على حفصة – رضى الله عنها – فقال: إنى سائلك عن أمرٍ قد أهمنى فأفرجيه عنى، فى كم تشتاق المرأة إلى زوجها؟ فخفضت رأسها واستحيت. قال: فإنى الله لا يستحى من الحق. فأشارت بيديها ثلاثة أشهر، وإلا فأربعة أشهر. فكتب عمر – رضى الله عنه – أن لا تحبس الجيوش فوق أربعة أشهر. كذا فى الكنز (انظر حياة الصحابة – ١/ ٤٥٩).

<<  <   >  >>