الأولى: أن المتطوعين الذين قضوا قسطاً صالحاً من أوقاتهم تغيروا فى أنفسهم، عرفوا مبادئ الدين وأحكامه الأولية واستيقظت فيهم العاطفة الدينية وهبت عليهم نفحة من نفحات الحياة الإسلامية.
وقد رأينا طلائع هذه الحياة وآيات النهضة الدينية فى ميوات فرأينا تغيراً مشاهداً فى المعتقد والأعمال والأخلاق، رأينا مدارس تشيد ومساجد تبنى وتعمر وجنايات تقل وتندر، وفتناً تضمحل، وبدعاً تموت، وتقاليد جاهلية ترتفع، ودعوات دينية وتعليمية تثمر وتزدهر، ونفوساً جامحة تلين وقلوباً جانية ترق وعيوناً تذرف، وهمماً تعلوا فى سبيل الدين وإجلالاً لأهل العلم والدين وخضوعاً للحق مما لو جاهد الإنسان الواحد منها بالاستقلال لاستغرق وقتاً طويلاً وجهداً كبيراً.
ورأينا كذلك فى أوساط المتصلين بهذه الدعوة والحركة والمتطوعين لها من الناشئة الجديدة والطبقة المثقفة والموظفين والتجار آثار الانقلاب الدينى، رأينا وحشة عن الدين تزول وتتبدل بالأنس، وتنافراً بين طبقتى المتدينين والمتمدينين أو المتنورين – كما يسمون أنفسهم – يرتفع وإجلالاً لشعائر الإسلام وتعظيمها يحل محل الاستهزاء والسخرية منها، ورغبة فى تعلم الدين ومعرفة أحكامه تشتد وتلح إلى غير ذلك مما يمتازون به عن أقرانهم وأترابهم وزملائهم.
الثانية: أن الجماهير من المسلمين لم يزالوا يبتعدون عن الدين بالتدريج حتى أصبحوا فى واد والدين فى وادٍ وتشاغل عنهم العلماء وأصحاب